فصل : والحكم الآخر أن يؤخذ ببيان الحنث ، هل كان في طلاق النساء أو عتق الإماء وإن كان عنده بيان فإن بين شيئا قبل منه : لأنه لما كان مقبول القول في وقوع العتق والطلاق كان مقبول البيان في الصفة التي يقع بها العتق والطلاق ، فإن لأن الطائر كان غرابا طلق النساء بإقراره ، فإن صدقه الإماء كن على رقهن ، ولا يمين ، عليه ، وإن كذبنه حلف لهن وكن على رقهن ، فإن نكل عن اليمين لهن ، ردت اليمين عليهن ، فإذا حلفن عتقن بأيمانهن بعد نكوله وطلق النساء بإقراره فلو أكذبنه ولم يكن إحلافه ، فهل يحلفه الحاكم أم لا ؟ على وجهين : قال : كان الحنث بطلاق النساء ،
أحدهما : يحلفه : لأن في عتقهن حقا لله تعالى .
والثاني : لا يحلفه لأن قولهن في تصديقه مقبول بغير يمين ، ولو تجرد في حق الله تعالى يحلفن إن صدقه فدل على أنه من حقوقهن ، وإن : لأن الطائر لم يكن غرابا عتق الإماء وإن صدقنه النساء ، وإلا حلف لهن ، ثم هن بعد إمائه زوجات ، فإن نكل عن اليمين لهن ردت اليمين عليهن ، فإذا حلفن طلقن بأيمانهن بعد نكوله ، وعتق الإماء بإقراره ، وإن أمسك عن البيان فلم يبين طلاق النساء ، ولا عتق الإماء نظر في إمساكه ، فإن كان مع علمه بالحال حبس لهن حتى يبين ، وإن كان إمساكه عن البيان لجهله بالحال لم يحبس ، وكان النساء والإماء موقوفات على التحريم ما بقي حتى يموت ، فلو قال : أمسكت عن البيان لخفائه علي ، وقلن بل أمسك عنه مع علمه به ، أحلف لهن ولم يحبسن ، وإن نكل عن اليمين ردت عليهن ويحبس لهن ، ورجع إلى بيانهن إن كان عندهن علم ، كما يجوز رد اليمين عليهن ، فإذا نكل عن اليمين لهن ، فإن اتفق الفريقان على أن الحنث كان بطلاق النساء لأن الطائر كان غرابا حلف النساء ، ولم يحلف الإماء ، وطلق النساء بأيمانهن ولم يعتق الإماء : لشك السيد في عتقهن . قال : كان الحنث بعتق [ ص: 276 ] الإماء
وإن اتفقوا على أن الحنث كان بعتق الإماء ، لأن الطائر لم يكن غرابا حلفن دون النساء ، وعتقن بأيمانهن ، ولم يحل النساء لشك الزوج في طلاقهن .
وإن اختلف الفريقان فادعى النساء الحنث بطلاقهن ، لأن الطائر كان غرابا ، وادعى الإماء أن الحنث بعتقهن لأن الطائر لم يكن غرابا ، حلف كل واحد من الفريقين على ما ادعاه وطلق النساء بأيمانهن وعتق الإماء بأيمانهن .