فصل : قال
الشافعي في كتاب الأم .
كانت
nindex.php?page=treesubj&link=11827الفرقة في الجاهلية بثلاثة أشياء بالطلاق ، والظهار ، والإيلاء ، فنقل الله تعالى الإيلاء ، والظهار عما كانا عليه في الجاهلية من إيقاع الفرقة على الزوجة إلى ما استقر عليه حكمها في الشرع ، وبقي حكم الطلاق على ما كان عليه .
والأصل في بيان
nindex.php?page=treesubj&link=11826حكم الإيلاء قول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226للذين يؤلون من نسائهم تربص [ ص: 337 ] [ البقرة : 226 ] وفي الكلام حذف ، وتقديره : للذي يؤلون أن يعتزلوا من نسائهم ، فترك أن يعتزلوا اكتفاء بما دل عليه ظاهره ، وفيه قولان :
أحدهما : أنه لا يكون موليا إلا بالله تعالى .
والثاني : أنه يكون موليا بكل يمين التزم بالحنث فيها ما لم يكن لازما له سواء كان حالفا بالله تعالى أو بالعتق والطلاق .
وفيما يصير بالحلف عليه موليا قولان :
أحدهما : اليمين على زوجته أن لا يطأها فيكون يمينه على الامتناع من وطئها هو الإيلاء ، وهذا هو قول
الشافعي والجمهور ولا يكون موليا إذا حلف على غير الوطء .
والثاني : أن الإيلاء هو الحلف على مساس زوجته سواء كانت على الوطء أو على غيره إذا قصد الإضرار بها .
وهو قول
أبي قلابة وإبراهيم النخعي .
ثم قال سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226تربص أربعة أشهر [ البقرة : 226 ] يعني انتظار أربعة أشهر وهذه أربعة أشهر يؤجل بها المولي ، وفيها مذهبان :
أحدهما : أنها أجل مقدر لوقوع الطلاق بعده ، وهذا قول
أبي حنيفة ومن وافقه .
والثاني : أنها أجل لاستحقاق المطالبة بعدها وهذا قول
الشافعي ومن وافقه .
ثم قال
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226فإن فاءوا [ البقرة : 226 ] أي رجعوا ، والفيئة : الرجوع ، فإن الله تعالى قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9حتى تفيء إلى أمر الله [ الحجرات : 9 ] أي ترجع ، ومنه قول الشاعر .
ففاءت ولم تقض الذي أقبلت له ومن حاجة الإنسان ما ليس قاضيا
وفيما أريد بالفيئة هاهنا قولان :
أحدهما : الجماع وهو قول الجمهور .
والثاني : هو المراجعة باللسان بكل ما أزال مساءتها ودفع الضرر عنها ، وهذا قول من زعم أن الإيلاء هو اليمين على مساءتها وقصد الإضرار بها
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226فإن الله غفور رحيم [ البقرة : 226 ] فيه تأويلان :
أحدهما : غفور لمآثمه مع وجوب الكفارة عليه ، وهذا قول الجمهور .
[ ص: 338 ] والثاني : غفور في تخفيف الكفارة وإسقاطها ، وهذا قول
الحسن ، وإبراهيم ، ومن زعم أن الكفارة لا تلزم فيما كان الحنث فيه برا .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=227وإن عزموا الطلاق [ البقرة : 227 ] وفي عزيمته تأويلان :
أحدهما : أن الطلاق أن لا يفيء حتى تمضي أربعة أشهر فتطلق بمضيها ، واختلف من قال بهذا في الطلاق الذي يلحقها على قولين :
أحدهما : طلقة بائنة ، وهو قول
عبد الله بن مسعود ، وزيد بن ثابت وابن عباس وأبي حنيفة .
والثاني : طلقة رجعية وهو قول
سعيد بن المسيب ، وأبي بكر بن عبد الرحمن ، وابن شبرمة رحمهم الله تعالى .
والتأويل الثاني : أن عزيمة الطلاق أن يطالب بالفيئة ، أو بالطلاق بعد أربعة أشهر فلا يفيء ويطلق وهذا قول
عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،
وأبي الدرداء وعائشة وأكثر الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ، وبه قال
الشافعي وأكثر الفقهاء رضي الله عنهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=227فإن الله سميع عليم [ البقرة : 227 ] فيه تأويلان :
أحدهما : سميع لإيلائه ، عليم بنيته .
والثاني : سميع لطلاقه عليم بصبره .
فَصْلٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأُمِّ .
كَانَتِ
nindex.php?page=treesubj&link=11827الْفُرْقَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ بِالطَّلَاقِ ، وَالظِّهَارِ ، وَالْإِيلَاءِ ، فَنَقَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْإِيلَاءَ ، وَالظِّهَارَ عَمَّا كَانَا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ إِيقَاعِ الْفُرْقَةِ عَلَى الزَّوْجَةِ إِلَى مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ حُكْمُهَا فِي الشَّرْعِ ، وَبَقِيَ حُكْمُ الطَّلَاقِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ .
وَالْأَصْلُ فِي بَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=11826حُكْمِ الْإِيلَاءِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ [ ص: 337 ] [ الْبَقَرَةِ : 226 ] وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ ، وَتَقْدِيرُهُ : لِلَّذِي يُؤْلُونَ أَنْ يَعْتَزِلُوا مِنْ نِسَائِهِمْ ، فَتُرِكَ أَنْ يَعْتَزِلُوا اكْتِفَاءً بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ ، وَفِيهِ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا إِلَّا بِاللَّهِ تَعَالَى .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا بِكُلِّ يَمِينٍ الْتَزَمَ بِالْحِنْثِ فِيهَا مَا لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لَهُ سَوَاءٌ كَانَ حَالِفًا بِاللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ .
وَفِيمَا يَصِيرُ بِالْحَلِفِ عَلَيْهِ مُولِيًا قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : الْيَمِينُ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ لَا يَطَأَهَا فَيَكُونُ يَمِينُهُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْئِهَا هُوَ الْإِيلَاءُ ، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ
الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ وَلَا يَكُونُ مُولِيًا إِذَا حَلَفَ عَلَى غَيْرِ الْوَطْءِ .
وَالثَّانِي : أَنَّ الْإِيلَاءَ هُوَ الْحَلِفُ عَلَى مِسَاسِ زَوْجَتِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ إِذَا قَصَدَ الْإِضْرَارَ بِهَا .
وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي قِلَابَةَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ .
ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ [ الْبَقَرَةِ : 226 ] يَعْنِي انْتِظَارَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ يُؤَجَّلُ بِهَا الْمُولِي ، وَفِيهَا مَذْهَبَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا أَجْلٌ مُقَدَّرٌ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بَعْدَهُ ، وَهَذَا قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ .
وَالثَّانِي : أَنَّهَا أَجْلٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْمُطَالَبَةِ بَعْدَهَا وَهَذَا قَوْلُ
الشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ .
ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226فَإِنْ فَاءُوا [ الْبَقَرَةِ : 226 ] أَيْ رَجَعُوا ، وَالْفَيْئَةُ : الرُّجُوعُ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ [ الْحُجُرَاتِ : 9 ] أَيْ تَرْجِعَ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ .
فَفَاءَتْ وَلَمْ تَقْضِ الَّذِي أَقْبَلَتْ لَهُ وَمِنْ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ مَا لَيْسَ قَاضِيًا
وَفِيمَا أُرِيدَ بِالْفَيْئَةِ هَاهُنَا قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : الْجِمَاعُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ .
وَالثَّانِي : هُوَ الْمُرَاجَعَةُ بِاللِّسَانِ بِكُلِّ مَا أَزَالَ مَسَاءَتَهَا وَدَفْعَ الضَّرَرَ عَنْهَا ، وَهَذَا قَوْلُ مِنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِيلَاءَ هُوَ الْيَمِينُ عَلَى مَسَاءَتِهَا وَقَصْدِ الْإِضْرَارِ بِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [ الْبَقَرَةِ : 226 ] فِيهِ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : غَفُورٌ لِمَآثِمِهِ مَعَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ ، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ .
[ ص: 338 ] وَالثَّانِي : غَفُورٌ فِي تَخْفِيفِ الْكَفَّارَةِ وَإِسْقَاطِهَا ، وَهَذَا قَوْلُ
الْحَسَنِ ، وَإِبْرَاهِيمَ ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَلْزَمُ فِيمَا كَانَ الْحِنْثُ فِيهِ بَرًّا .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=227وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ [ الْبَقَرَةِ : 227 ] وَفِي عَزِيمَتِهِ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ الطَّلَاقَ أَنْ لَا يَفِيءَ حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَتُطَلَّقَ بِمُضِيِّهَا ، وَاخْتَلَفَ مَنْ قَالَ بِهَذَا فِي الطَّلَاقِ الَّذِي يَلْحَقُهَا عَلَى قَوْلَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ ، وَهُوَ قَوْلُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ .
وَالثَّانِي : طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَهُوَ قَوْلُ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى .
وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي : أَنَّ عَزِيمَةَ الطَّلَاقِ أَنْ يُطَالَبَ بِالْفَيْئَةِ ، أَوْ بِالطَّلَاقِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَا يَفِيءُ وَيُطَلِّقُ وَهَذَا قَوْلُ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَعَائِشَةَ وَأَكْثَرِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالتَّابِعِينَ ، وَبِهِ قَالَ
الشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=227فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [ الْبَقَرَةِ : 227 ] فِيهِ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : سَمِيعٌ لِإِيلَائِهِ ، عَلِيمٌ بِنِيَّتِهِ .
وَالثَّانِي : سَمِيعٌ لِطَلَاقِهِ عَلِيمٌ بِصَبْرِهِ .