فصل : فأما إن طلق عمرة المحلوف بطلاقها ، فإن كان طلاقا رجعيا فما كانت في عدتها فاليمين بطلاقها باقية لأنه لو طلقها في العدة وقع الطلاق فكان أولى أن يبقى فيه اليمين بالطلاق ، فعلى هذا يكون الإيلاء من حفصة باقيا بحاله ما لم تنتقض عدة عمرة ، فإن راجع عمرة في عدتها فاليمين بطلاقها باقية بحالها والإيلاء في حفصة باق بحالها فإن لم يراجعها حتى انقضت عدتها من الطلاق الرجعي أو كان الطلاق بائنا بثلاث أو في خلع لغير مدخول بها سقط حكم اليمين بطلاقها ، لأنها في حال لا يلحقها الطلاق المبتدأ فكان أولى أن لا يلحقها بصفة متقدمة ، فعلى هذا يسقط حكم الإيلاء في حفصة ، لأنه يقدر على إصابتها ولا يستضر بطلاق غيرها ، فإن عاد فنكح عمرة المحلوف بطلاقها بعقد جديد نظر ، فإن نكحها بعد أن وطئ حفصة المولى منهما في زمان بينونتها سقطت يمينه بطلاق عمرة لوجود الصفة من غير حنث ، فلم يتعلق بوجودها من بعد ذلك حنث ، وإن نكح عمرة المحلوف بطلاقها قبل أن يطأ حفصة المولى منها فهل تعود يمينه بطلاق عمرة في النكاح الثاني أم لا ؟ إن كان الطلاق الأول ثلاثا فعلى قوله في الجديد كله وأحد قوليه في القديم لا يعود وعلى القول الثاني في القديم : تعود اليمين ، وإن كان الطلاق الأول دون الثلاث ، فعلى قوله في القديم كله وأحد قوليه في الجديد تعود اليمين وعلى القول الثاني في الجديد : لا تعود ، وإن شئت قلت في عود اليمين ثلاثة أقاويل :
[ ص: 382 ] أحدها : تعود اليمين في الطلاقين .
والقول الثاني : لا تعود اليمين في الطلاقين .
والقول الثالث : تعود اليمين إن كان الطلاق الأول أقل من ثلاث ، ولا تعود إن كان ثلاثا فعلى هذا إن قلنا إن يمينه بطلاق عمرة تعود في نكاحها الثاني عاد إيلاؤه من حفصة لأنه متى أصابها طلقت عمرة ، وإن قلنا إن يمينه بطلاق عمرة لا يعود في نكاحها الثاني لم يعد إيلاؤه من حفصة لأنه متى أصابها لم تطلق عمرة ، فإن قيل فلم كان عود الإيلاء في حفصة معتبرا بعود الطلاق في عمرة ولم يكن عود الطلاق في عمرة معتبرا بعود الإيلاء في حفصة : قلنا : لأن الإيلاء في حفصة لا يجوز أن يكون معقودا بوطء أجنبية والطلاق في عمرة يجوز عقده بوطء الأجنبية والله أعلم .
مسألة قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو أو العبد من حرة ثم اشترته فتزوجته لم يعد الإيلاء لانفساخ النكاح ( قال آلى من امرأته الأمة ثم اشتراها فخرجت من ملكه ثم تزوجها المزني ) رحمه الله هذا كله أشبه بأصله لأن كل نكاح أو ملك حدث لم يعمل فيه إلا قول وإيلاء وظهار يحدث فالقياس أن كل حكم يكون في ملك إذا زال ذلك الملك زال ما فيه من الحكم فإذا زال نكاحه فبانت منه امرأته زال حكم الإيلاء عنه في معناه " .
قال الماوردي : وهاتان مسألتان مختلفتا الصورة متفقتا الحكم :
إحداهما : في فبطل بالشراء نكاحها ثم تزوجها بعد عتقها أو بيعها ، هل يعود الإيلاء منها أم لا ؟ حر تزوج أمة وآلى منها ثم اشتراها ،
والثانية : في فبطل النكاح بالشراء ثم عاد فتزوجها بعد عتقه أو بيعه ، هل يعود الإيلاء منها أم لا ؟ عبد تزوج وآلى منها ثم اشترته
والجواب في عود الإيلاء فيهما مبني على اختلاف أصحابنا في الفسخ بالملك هل يجري مجرى الطلاق الثلاث ، أو يجري مجرى ما دون الثلاث ، وفيه لهم وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنه يجري مجرى الطلاق الثلاث ، لأن الفسخ قد رفع جميع أحكام النكاح المتقدم كالطلاق الثلاث .
والوجه الثاني : أنه يجري مجرى ما دون الثلاث من الطلاق لأنه إذا طلقها في النكاح الثاني بنته على عدد الطلاق في النكاح الأول ، ولأنها تحل قبل زوج بخلاف الثلاث .
[ ص: 383 ] فعلى هذا إن قلنا : إنه يكون كالطلاق الثلاث لم يعد الإيلاء على قوله في الجديد كله وأحد قوليه في القديم ، وعاد على القول الثاني في القديم ، وإن قلنا : إنه يكون كالطلاق إذا كان أقل من ثلاثة ، فعلى هذا يعود الإيلاء على قوله في القديم كله وأحد قوليه في الجديد ولا يعود على القول الثاني في الجديد .