الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ) ( 25 ) .

قوله تعالى : ( ويوم حنين ) : هو معطوف على موضع " في مواطن " .

و ( إذ ) : بدل من " يوم " .

قال تعالى : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) ( 29 ) .

قوله تعالى : ( دين الحق ) : يجوز أن يكون مصدر " يدينون " وأن يكون مفعولا به ، و " يدينون " بمعنى يعتقدون .

( عن يد ) : في موضع الحال ؛ أي : يعطوا الجزية أذلة .

قال تعالى : ( وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون ) ( 30 ) .

[ ص: 475 ] قوله تعالى : ( عزير ابن الله ) : يقرأ بالتنوين على أن عزيرا مبتدأ ، و " ابن " خبره ، ولم يحذف التنوين إيذانا بأن الأول مبتدأ ، وأن ما بعده خبر ، وليس بصفة ، ويقرأ بحذف التنوين ، وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه مبتدأ وخبر أيضا ، وفي حذف التنوين وجهان : أحدهما : أنه حذف لالتقاء الساكنين . والثاني : أنه لا ينصرف للعجمة والتعريف ، وهذا ضعيف ؛ لأن الاسم عربي عند أكثر الناس ، ولأن مكبره ينصرف لسكون أوسطه ، فصرفه في التصغير أولى .

والوجه الثاني : أن عزيرا خبر مبتدأ محذوف تقديره : نبينا ، أو صاحبنا ، أو معبودنا ، و " ابن " صفة ، أو يكون عزير مبتدأ ، و " ابن " صفة ، والخبر محذوف ؛ أي : عزير ابن الله صاحبنا .

والثالث : أن ابنا بدل من عزير ، أو عطف بيان ، و " عزير " على ما ذكرنا من الوجهين ، وحذف التنوين في الصفة ؛ لأنها مع الموصوف كشيء واحد .

( ذلك ) : مبتدأ ، و ( قولهم ) : خبره . و ( بأفواههم ) : حال . والعامل فيه القول ، ويجوز أن يعمل فيه معنى الإشارة ، ويجوز أن تتعلق الباء بيضاهئون .

فأما : ( يضاهئون ) : فالجمهور على ضم الهاء من غير همز ، والأصل ضاهى ، والألف منقلبة عن ياء ، وحذفت من أجل الواو ، وقرئ بكسر الهاء ، وهمزة مضمومة بعدها ، وهو ضعيف ، والأشبه أن يكون لغة في ضاهى ، وليس مشتقا من قولهم : امرأة ضهياء ؛ لأن الياء أصل والهمزة زائدة ، ولا يجوز أن تكون الياء زائدة ؛ إذ ليس في الكلام فعيل بفتح الفاء .

قال تعالى : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ) ( 31 ) .

قوله تعالى : ( والمسيح ) : أي : واتخذوا المسيح ربا ، فحذف الفعل ، وأحد المفعولين ، ويجوز أن يكون التقدير : وعبدوا المسيح .

( إلا ليعبدوا ) : قد تقدم نظائره .

[ ص: 476 ] قال تعالى : ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ) ( 32 ) .

قوله تعالى : ( ويأبى الله إلا أن يتم نوره ) ، يأبى بمعنى يكره ، ويكره بمعنى يمنع ، فلذلك استثنى لما فيه من معنى النفي ، والتقدير : يأبى كل شيء إلا إتمام نوره .

التالي السابق


الخدمات العلمية