الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      وثبتت في العنكبوت والزمر أخراهما وحرف زخرف أثر

      لما ذكر في البيت قبل هذا أن الياء الزائدة تحذف من المنادى، ومثل له: "بيا عباد" استثنى من ذلك هنا مع الإطلاق الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل ثلاثة مواضع ثبتت فيها الياء إلا أن في الأخير منها خلافا:1 - أحدها الموضع الأخير في [ ص: 145 ] "العنكبوت"، وهو: يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة .

      واحترز بالأخير عن غير الأخير في هذه السورة، وهو: يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ، فإن ياءه محذوفة.

      2 - ثانيها: الموضع الأخير في "الزمر"، وهو: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم .

      واحترز بالأخير في هذه السورة عن غير الأخير فيها وهو: "قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم". يا عباد فاتقون ، فإن ياءه محذوفة.

      3 - ثالثها: وهو المختلف فيه الواقع في "الزخرف"، وهو: يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون .

      وأما الثاني في "الزخرف"، وهو: وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون . فلا خلاف في حذف يائه، وإن كان في كلام الناظم إجمال؛ إذ لا يدرى ما المراد منهما، وقوله: أثر، بالبناء للنائب معناه روي؛ أي: روي ثبت حرف الزخرف، أي: كلمته، وكأنه اقتصر على ثبته، ولم يذكر الخلاف فيه بالحذف، لكونه رسم بالياء في مصاحف المدينة التي عليها مدار قراءة نافع، وكذا رسم في مصاحف الشام، ورسم في سائر المصاحف بدال دون ياء، والعمل على ثبوت الياء في موضع الزخرف المذكور.

      تنبيهان:- الأول في الجعبري : جملة ما حذف من المنادى مائة واثنان وعشرون موضعا: يا رب، ورب، سبعة وستون، ويا قوم، ستة وأربعون، ويا بني، ستة، و: "يا عبادي الذين آمنوا"، و: يا عباد فاتقون ، بالزمر و: يا عباد لا خوف ، بالزخرف في المصاحف العراقية، اه.

      - الثاني: تعرض الشيخان لذكر حذف الياء من الأسماء المنقوصة غير المنصوبة إذا كانت منونة، وحكيا إجماع المصاحف على ذلك؛ قالا: بناء على حذفها من اللفظ لسكونها، وسكون التنوين بعدها في الدرج نحو: غير باغ ولا عاد ، فمن خاف من موص ، من وال ، بواد غير ذي زرع ، بكاف عبده ونحو ولات، ومن فوقهم غواش ، أم لهم أيد ، لعال في الأرض ، أنه ناج ، : ولكل قوم هاد .

      وسكت الناظم عن ذكر هذا النوع لموافقته الرسم القياسي؛ إذ لم يتعرض في هذا النظم بالذات إلا للرسم الاصطلاحي، وهو ما خالف الرسم القياسي، والضمير الفاعل في قوله: "ثبتت" عائد على الياء، وفي "العنكبوت"، متعلق "بثبتت"، وهو على حذف مضاف؛ أي: في كلمة: "العنكبوت"، وقوله: " والزمر" عطف عليه، و: "أخراهما" [ ص: 146 ] بمعنى: أخيرتهما بدل من المضاف المحذوف، وضمير الاثنين يعود على السورتين.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية