الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      وقبل حرف الحلق ركبتهما وقبل ما سواه أتبعتهما

      ذكر في هذا البيت أن علامتي الحركة والتنوين إذا وقعتا قبل حرف من حروف [ ص: 250 ] الحلق، فإنهما تركبان أي: تجعل علامة التنوين فوق علامة الحركة، وإذا وقعتا قبل حرف غير حلقي فإنهما تجعلان متتابعتين؛ أي: تجعل علامة التنوين أمام علامة الحركة. وأطلق الناظم في التركيب قبل حرف الحلق، فدخلت حروف الحلق الستة: الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء، فالهمزة نحو: مختلفا أكله . وعذاب أليم ، و: من عين آنية وسواء كانت محققة أو محذوفة بعد نقل حركتها على رواية ورش; لأنها في حكم الثابتة مراعاة للأصل، والهاء نحو: جرف هار والعين نحو: سميع عليم والحاء نحو: لعلي حكيم ، والغين نحو: لعفو غفور والخاء نحو: عليم خبير0 بناء على المشهور من أن حكم النون الساكنة والتنوين عند الغين والخاء الإظهار، وأما على ما جاء شاذا عن نافع من الإخفاء عندهما -وبه قرأ أبو جعفر من القراء العشرة- فالحكم الإتباع، وظاهر كلامه أن الحكم مع الحرف غير الحلقي الإتباع سواء كان متحركا نحو: عند مليك مقتدر ، و: قوما صالحين . و: عليم بما أم ساكنا وتحرك التنوين للتخلص من التقاء الساكنين نحو: محظورا انظر . و: رحيما النبي ولا نص للمتقدمين في الساكن، والمحققون من المتأخرين حكموا بالتركيب معه، واستثنوا من ذلك: عادا الأولى ، فحكموا فيه بالإتباع; لأنه لم يتحرك فيه التنوين ولذلك أدغم، وما حكم به المحققون من المتأخرين هو الذي جرى به العمل عندنا، ووجه التركيب مع حروف الحلق والإتباع مع غيرها أن حروف الحلق لما بعد مخرجها عن مخرج التنوين حتى أظهر التنوين عندها في اللفظ، أشير بالتركيب إلى البعد المذكور، إذ في تركيب التنوين إبعاد له عن حروف الحلق خطا كما كان بعيدا منها لفظا، ولما لم تبعد بقية الحروف عن مخرج التنوين كبعد حروف الحلق بل منها ما قرب جدا، ومنها ما قرب فقط حتى كان حكم التنوين عندها الإدغام في بعض، والإخفاء عند بعض، والقلب عند بعض، أشير بالإتباع إلى قربه منها إذ إتباع التنوين للحركة تقريب له من تلك الحروف خطا كما كان قريبا منها لفظا، وقوله: "ركبتهما" أكثر الروايات فيه بفتح الكاف وسكون الباء وبعدها تاء على أنه فعل ماض وفاعل، [ ص: 251 ] ولفظه لفظ الخبر ومعناه الطلب أي: ركبهما، وفي بعض الروايات بكسر الكاف، وفتح الباء بعدها نون التوكيد الخفيفة ومعناه ظاهر، وبمثل هذين الوجهين يروى قوله: "أتبعتهما"،

      التالي السابق


      الخدمات العلمية