الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما القسم الثالث : وهو أن يموت الولد بعد أن مضى بعض الرضاع وبقي [ ص: 55 ] بعضه وجميع الطعام كأنه مات بعد أن مضى أحد الحولين وبقي الثاني فهل يأتي بولد آخر ترضعه مكان ذلك أم لا على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : يأتي بولد آخر ، فعلى هذا الخلع بحاله ، ويستوفي رضاع الحول الثاني بولد آخر ويستوفي الطعام في نجومه .

                                                                                                                                            والقول الثاني : لا يأتي بغير ذلك الولد ، فعلى هذا قد بطل الخلع في رضاع الحول الثاني ، وهل يبطل في رضاع الحول الأول والطعام الباقي أم لا ؟ على ثلاثة مذاهب تتخرج على الترتيب الماضي من اختلاف أصحابنا من الفساد الطارئ بعد العقد هل يكون كالفساد المقارن للعقد ثم على تفريق الصفقة أحد المذاهب الثلاثة أن الخلع باطل في الجميع فيبطل في الحول الماضي ، وفي الطعام لبطلانه في الحول الباقي ، وهذا على قول من يجعل الفساد الطارئ بعد العقد كالفساد المقارن للعقد ، ويمنع من تفريق الصفقة فعلى هذا يكون على الزوج أجرة رضاع الحول الماضي ، وبماذا يرجع على الزوجة على قولين مضيا :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو القديم بأجرة رضاع الحولين وبقيمة الطعام إلا أن يكون فيه ذو مثل فيرجع بمثل ذي المثل وقيمة غير ذي المثل .

                                                                                                                                            والقول الثاني : وهو الجديد أنه يرجع عليها بمهر المثل .

                                                                                                                                            والمذهب الثاني من المذاهب الثلاثة : أن الخلع جائز في الحول الماضي ، وفي الطعام الباقي ، وهذا على قول من لا يجعل حدوث الفساد بعد العقد كوجوده مع العقد ، فعلى هذا هل يكون للزوج بتفريق الصفقة خيار الفسخ أم لا ؟ على ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : لا خيار له بحال فعلى هذا التقسيم على رضاع الحول الماضي وجميع الطعام بحسابه وقسطه ويرجع بحساب الحول الباقي وقسطه ومن ماذا يرجع به ؟ على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : من عوض الخلع فعلى هذا يرجع بأجرة رضاع الحول الباقي .

                                                                                                                                            والقول الثاني : من مهر المثل فعلى هذا ينظر أجرة رضاع الحولين وقيمة الطعام فإذا قيل : أجرة رضاع الحولين مائتا درهم ، وقيمة الطعام ثلاث مائة درهم فقد بقي له بأجرة رضاع الحول الباقي مائة درهم ، وهي الخمس فيرجع عليها بخمس مهر المثل .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن له الخيار في فسخ الحول الماضي ، والطعام الباقي أو المقام عليهما فإن فسخ كانت عليه أجرة الحول الماضي ، وبماذا يرجع عليها على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : بمهر المثل .

                                                                                                                                            والثاني : بأجرة رضاع الحولين وبقيمة ما ليس له من الطعام مثل وبمثل ما له منه [ ص: 56 ] مثل ، ويكون ذلك حالا وجها واحدا ، لأن فسخ العقد قد منع من ثبوت نجومه ، وإن أقام على الحول الماضي ، وعلى الطعام ، فهل يقيم عليه بجميع الخلع أو حسابه وقسطه على قولين كما مضى وهل يحل الطعام أو يكون على نجومه على ما مضى من الوجهين .

                                                                                                                                            والوجه الثالث : أن الخلع لازم له في الحول الماضي ، ولا خيار له فيه لاستيفائه وله الفسخ في الطعام أو المقام فيصير الخلع إذا كان أجرة الرضاع مائتي درهم ، وقيمة الطعام ثلاث مائة درهم باطلا في خمسه وهو الحول الباقي ، ولازما في خمسه وهو الحول الماضي ، وجائزا في ثلاثة أخماسه وهو الطعام فإن فسخ أو أقام فعلى ما مضى ، فهذا حكم المذهب الثاني من المذاهب الثلاثة .

                                                                                                                                            والمذهب الثالث من المذاهب : أن الخلع صحيح في الحول الماضي لاستيفائه ، وباطل في الطعام لبطلانه في الحول الباقي ، فعلى هذا هل يستحق خيار الفسخ أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا خيار له ، فعلى هذا يقيم على الحول الماضي بحسابه وقسطه وهو الخمس : لأنه في مقابلة مائة من خمسمائة درهم ، ويرجع بحساب ما بقي وقسطه ، ومن ماذا يكون رجوعه على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : من أربعة أخماس مهر المثل .

                                                                                                                                            والثاني : من أجرة رضاع الحول الباقي ، ومثل ذي المثل ، وقيمة غير ذي المثل ، ويكون ذلك حالا لفسخ العقد .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : له الخيار بين الفسخ والمقام ، فإن فسخ رد أجرة الحول الماضي وبماذا يرجع ؟ على ما مضى من القولين .

                                                                                                                                            وإن أقام فهل يقيم على الحول الماضي والطعام بجميع الخلع أو بحسابه وقسطه ؟ على قولين ثم على ما مضى فهذا الكلام في موت الولد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية