الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
13425 - وقوله: ( وأزواجه أمهاتهم ) ، مثل ما وصفت من اتساع لسان العرب، وأن الكلمة الواحدة تجمع معاني مختلفة، ومما وصفت من أن الله أحكم كثيرا من فرائضه بوحيه، وسن شرائع، واختلافها على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وفي فعله.

13426 - فقوله: أمهاتهم يعني في معنى دون معنى، وذلك أنه لا يحل لهم نكاحهن بحال، ولا يحرم عليهم نكاح بنات لو كن لهن كما يحرم عليهم نكاح بنات أمهاتهم اللاتي ولدنهم أو أرضعنهم.

13427 - والدليل عليه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج فاطمة ابنته وهو أبو المؤمنين، وهي بنت خديجة أم المؤمنين زوجها عليا .

13428 - وزوج رقية وأم كلثوم عثمان وهو بالمدينة .

13429 - وأن زينب بنت أم سلمة تزوجت.

13430 - وأن الزبير بن العوام تزوج بنت أبي بكر الصديق .

13431 - وأن طلحة تزوج ابنته الأخرى وهما أختا أم المؤمنين.

13432 - وعبد الرحمن بن عوف تزوج حمنة بنت جحش ، وهي أخت أم المؤمنين زينب [ ص: 13 ] .

13433 - ولا يرثن المؤمنين ولا يرثوهن كما يرثون أمهاتهم ويرثنهن، ويشبهن أن يكن أمهات لعظم الحق عليهم، مع تحريم نكاحهن.

13434 - ثم بسط الكلام في وقوع اسم الأم على غير الوالدات في بعض المعاني.

13435 - قال الشافعي : فأما ما سوى ما وصفنا من أن للنبي صلى الله عليه وسلم من عدد النساء أكثر مما للناس، ومن اتهب بغير مهر، ومن أن أزواجه أمهاتهم لا يحللن لأحد بعده، وما في مثل معناه من الحكم بين الأزواج فيما يحل منهن ويحرم بالحادث.

13436 - فلا نعلم حال الناس يخالف حال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.

13437 - فمن ذلك أنه كان يقسم لنسائه، فإذا أراد سفرا أقرع بينهن فأيتهن خرج سهمها خرج بها، فهذا لكل من له أزواج من الناس.

13438 - قال الشافعي : أخبرني محمد بن علي أنه سمع ابن شهاب يحدث، عن عبيد الله ، عن عائشة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها" .

13439 - قال الشافعي : " ومن ذلك أنه أراد فراق سودة ، فقالت: لا تفارقني ودعني، حتى يحشرني الله في أزواجك، وأنا أهب يومي وليلتي لأختي عائشة ".

[ ص: 14 ] 13440 - قال الشافعي : " وقد فعلت ابنة محمد بن مسلمة شبيها بهذا حين أراد زوجها طلاقها، ونزل فيها ذكر في ذلك: ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا ) الآية، أخبرنا سفيان ، عن الزهري ، عن ابن المسيب - يعني - بقصة ابنة محمد بن مسلمة .

13441 - قال الشافعي : أخبرنا أنس بن عياض ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة ، عن أم حبيبة بنت أبي سفيان قالت: قلت: يا رسول الله، هل لك في أختي ابنة أبي سفيان ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأفعل ماذا؟" قالت: تنكحها قال: "أختك؟" قالت: نعم، قال: "أوتحبين ذلك؟" قالت: نعم، لست لك بمخلية، وأحب من شركني في خير أختي قال: "فإنها لا تحل لي"، فقلت: والله لقد أخبرت أنك تخطب ابنة أبي سلمة قال: " ابنة أم سلمة ؟" قالت: نعم، قال: "فوالله، لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، إنها لابنة أخي من الرضاعة، أرضعتني، وأباها ثويبة ، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن" [ ص: 15 ] أخبرناه أبو بكر بن الحسن ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق قالا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أنس بن عياض ، فذكر هذا الحديث وهو مخرج في الصحيحين.

[ ص: 16 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية