الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
30 - لا ينفسخ النكاح إذا أسلم أحدهما باختلاف الدار حتى تنقضي عدتها

13978 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أسلم أبو سفيان بن حرب بمر الظهران وهي دار خزاعة ، وخزاعة مسلمون قبل الفتح في دار الإسلام، وامرأته هند بنت عتبة كافرة بمكة ، ومكة يومئذ دار حرب، ثم قدم عليها يدعوها إلى الإسلام فأخذت بلحيته وقالت: اقتلوا الشيخ الضال، ثم أسلمت هند بعد إسلام أبي سفيان بأيام كثيرة وقد كانت كافرة مقيمة بدار الإسلام يومئذ وزوجها مسلم في دار الإسلام ورجع إلى مكة وهند بنت عتبة مقيمة على غير الإسلام، وهي في دار حرب، ثم صارت مكة دار الإسلام وأبو سفيان بها مسلم وهند كافرة، ثم أسلمت قبل انقضاء العدة، فاستقرا على النكاح؛ لأن عدتها لم تنقض حتى أسلمت.

13979 - كذلك حكيم بن حزام وإسلامه.

13980 - وأسلمت امرأة صفوان بن أمية وامرأة عكرمة بن أبي جهل بمكة [ ص: 141 ] ، وصارت دارهما دار الإسلام وظهر حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهرب عكرمة إلى اليمن وهي دار حرب، وصفوان يريد اليمن وهي دار حرب، ثم رجع صفوان إلى مكة وهي دار الإسلام وشهد حنينا وهو كافر، ثم أسلم فاستقرت عنده امرأته بالنكاح الأول، ورجع عكرمة فأسلم فاستقرت عنده امرأته بالنكاح الأول، وذلك أن عدتها لم تنقض.

13981 - قال الشافعي : وما وصفت من أمر أبي سفيان وحكيم وأزوجهما، وأمر صفوان وعكرمة وأزوجهما أمر معروف عند أهل العلم بالمغازي.

13982 - وقد حفظ أهل المغازي أن امرأة من الأنصار كانت عند رجل بمكة فأسلمت وهاجرت إلى المدينة ، فقدم زوجها في العدة، فأسلم فاستقرا على النكاح.

13983 - أخبرنا أبو بكر ، وأبو زكريا ، وأبو سعيد ، قالوا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: إن مالكا أخبرنا وفي رواية أبي بكر وأبي زكريا قال: أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب أن " صفوان بن أمية هرب من الإسلام ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم وشهد حنينا والطائف مشركا وامرأته مسلمة، واستقرا على النكاح" فقال ابن شهاب : وكان بين إسلام صفوان وامرأته نحو من شهر.

13984 - ورواه الشافعي في القديم قال: أخبرنا مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، أنه بلغه " أن نساء كن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أسلمن بأرضهن وهن غير مهاجرات وأزواجهن حين أسلمن كفار، منهن: ابنة الوليد بن المغيرة وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح وشهد صفوان بن أمية الطائف ، وحنينا وهو كافر وامرأته [ ص: 142 ] مسلمة، ولم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين امرأته حين أسلم واستقرت امرأته عنده بذلك النكاح.

13985 - قال ابن شهاب : كان بين إسلام صفوان وامرأته نحو من شهر.

13986 - قال الشافعي : أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب أن " أم حكيم بنت الحارث بن هشام وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل ، فأسلمت يوم الفتح وهرب من الإسلام، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فبايعه فثبتا على ذلك النكاح" .

13987 - قال الشافعي : أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب قال: ولم يبلغنا "أن امرأة هاجرت إلى الله ورسوله وزوجها كافر مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تنقضي عدتها".

13988 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال: أخبرنا أبو بكر بن جعفر المزكي قال: حدثنا محمد بن إبراهيم قال: حدثنا ابن بكير قال: حدثنا مالك ، عن ابن شهاب ،. . . فذكر هذه الأحاديث أتم من ذلك.

13989 - قال أحمد : وأما الذي أخبرنا أبو عبد الله ، وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: قال أبو يوسف : حدثنا الحجاج بن أرطاة ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه "رد زينب إلى زوجها بنكاح جديد" [ ص: 143 ] .

13990 - فقد قال أبو الحسن الدارقطني رحمه الله، فيما أخبرني أبو عبد الرحمن عنه: هذا لا يثبت، وحجاج لا يحتج به، والصواب حديث ابن عباس .

13991 - يريد ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا يزيد بن هارون ، عن محمد بن إسحاق ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال: "رد النبي صلى الله عليه وسلم ابنته زينب على زوجها أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول ولم يحدث نكاحا" .

13992 - وفيما حكى أبو عيسى الترمذي ، عن محمد بن إسماعيل البخاري أنه قال: حديث ابن عباس أصح في هذا الباب من حديث عمرو بن شعيب .

13993 - قال أحمد : وبلغني أن الحجاج بن أرطأة لم يسمعه من عمرو ، والحجاج مشهور بالتدليس.

التالي السابق


الخدمات العلمية