الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
56 - الخلوة بالمرأة

14375 - أخبرنا أبو عبد الله ، وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، أن عمر بن الخطاب "قضى في المرأة يتزوجها الرجل أنه إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق" .

14376 - وأخبرنا أبو عبد الله ، وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب ، أن زيد بن ثابت قال: "إذا دخل الرجل بامرأته، فأرخيت عليهما الستور، فقد وجب الصداق" .

[ ص: 244 ] 14377 - قال أحمد : وروينا عن سليمان بن يسار ، عن زيد بن ثابت في الرجل يخلو بالمرأة، فيقول: لم أمسها، وتقول: قد مسني قال: "القول قولها" .

14378 - وكان الشافعي في القديم يقول: القول قولها مع يمينها في الإصابة إذا ادعتها وجحدها من غير اعتبار الخلوة ويوجبه بالخلوة من غير دعوى الإصابة.

14379 - وروينا عن الأحنف بن قيس ، أن عمر ، وعليا قالا: إذا أغلق بابا وأرخى سترا فلها الصداق كاملا وعليها العدة.

14380 - وروي عن ابن عمر ، عن عمر رضي الله عنهما.

14381 - قال الشافعي فيما ألزم مالكا عمر تبين أنه يقضي بالمهر وإن لم يدع المسيس لقوله: ما ذنبهن إن جاء العجز من قبلكم.

14382 - وكان الشافعي في القديم يقول بقول عمر ويقول: عمر أعلم بكتاب الله، وقد يجوز أن يكون إنما أراد الله بالتي طلقت قبل المس التي لم يخل بها وتخلي بينه وبين نفسها.

14383 - ثم قال في القديم ولو خالفنا في هذا مخالف كان قوله مذهبا، ثم رجع في الجديد إلى أنه إنما يجب المهر كاملا بالمسيس دون الإغلاق، والقول في المسيس قول الزوج مع يمينه، واعتمد في ذلك على ظاهر الكتاب.

[ ص: 245 ] 14384 - وأخبرنا أبو زكريا ، وأبو بكر قالا: حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مسلم بن خالد ، عن ابن جريج ، عن ليث بن أبي سليم ، عن طاوس ، عن ابن عباس أنه قال في الرجل يتزوج المرأة فيخلو بها ولا يمسها ثم يطلقها: " ليس لها إلا نصف الصداق؛ لأن الله تعالى يقول: ( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ) .

14385 - قال الشافعي : وبهذا أقول وهو ظاهر الكتاب.

14386 - ورواه في موضع آخر عن ابن عباس ، وشريح .

14387 - ورويناه عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس .

14388 - وعن الشعبي ، عن شريح ، وعن الشعبي ، عن ابن مسعود أنبأنيه أبو عبد الله الحافظ إجازة، أخبرنا أبو الوليد ، حدثنا محمد بن أحمد بن زهير ، حدثنا عبد الله بن هاشم ، حدثنا وكيع ، عن الحسن بن صالح ، عن فراس ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن مسعود قال: "لها نصف الصداق وإن جلس بين رجليها".

14389 - هذا إسناد صحيح غير أن الشعبي لم يدرك ابن مسعود فهو منقطع، وليث بن أبي سليم راوي حديث ابن عباس غير محتج به، ورواية علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس تؤكده، غير أن في روايته عن ابن عباس انقطاعا يقال إنها عن صحيفة والله أعلم [ ص: 246 ] .

14390 - وروي عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا: "من كشف امرأة، فنظر إلى عورتها، فقد وجب الصداق" .

14391 - وهذا منقطع وينفرد بأحد أسانيده عبد الله بن صالح ، وبالأخرى عبد الله بن لهيعة ، وكلاهما غير محتج به والله أعلم.

14392 - وأما حديث زرارة بن أوفى قال: قضاء الخلفاء الراشدين المهديين أنه: من أغلق بابا وأرخى سترا فقد وجب الصداق والعدة، فإنه منقطع زرارة لم يدركهم وهو، عن عمر ، وعلي من الوجه الذي قدمنا ذكره موصول، والله أعلم.

[ ص: 247 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية