الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        الخاتمة

        العامة في أواخر العصر العباسي وفي العهد الأليخاني طبقة متميزة لها حرفها وأعمالها المهنية وأعرافها ومعتقداتها الدينية وأخلاقها وأنماطها السلوكية.

        والمجتمع الإسلامي لم يعرف تلك الحواجز الطبقية التي تطالعنا عند دراسة المجتمع الأوروبي في العصور الوسطى؛ ذلك لأن المجتمع الإسلامي مجتمع مفتوح يستطيع العضو فيه أن يشق طريقه حسب كفاءته وجهده وليس هـناك حاجز يفصل بين العامة والخاصة.

        وكان تعصب العامة المذهبي والديني والمحلي ذا أثر سيء على كيان المجتمع الإسلامي الذي مزقته العصبيات فضاعت وحدته وانعدم تماسكه ولم يعد قادرا على الصمود أمام الأعداء الطامعين.

        كما كان لضعف السلطة العباسية أثر في انتشار حركة الشطار والعيارين وكثرة اللصوص والمجرمين فلم يعد الناس يأمنون على أنفسهم وأموالهم وقد كان نظام الفتوة الجديد الذي ابتكره الناصر خطوة عظيمة لتوجيه طاقة العامة نحو الخير والصلاح ضمن إطار أخلاقي بعد أن كانت موجهة ضد الدولة.

        وكانت الأساطير والخرافات تشيع في أوساط العامة فكانت تستهويها أحاديث الجن والسحر والألغاز والأعاجيب وتضيف عليها من خيالها الخصب الشيء الكثير. [ ص: 111 ]

        ويبرز في المجتمع الإسلامي في هـذه الفترة اتجاهان متضادان : اتجاه أخلاقي معتدل يقوده العلماء وقد يجنح إلى التطرف متمثلا في التصوف واتجاه لا أخلاقي متمثل بالأوباش وأهل المجون والخلاعة ممن انغمسوا في حياة فاسدة داعرة.

        وقد ظهرت القوة السياسية للعامة في هـذه الفترة مما جعل الحكام يأخذونها بنظر الاعتبار فيراعون معتقداتها ويلبون رغباتها وتقرب العباسيون إليها وساهموا في حياتها المعاشية فمالت إليهم العامة وقد بقي الحنين للحكم العباسي لدى العامة حتى بعد سيطرة الأليخانيين الذين فرضوا عليها من الضرائب ما أرهقها وإن لم يخل عهدهم من بعض السلاطين الذين راعوا العامة وخففوا عنها.

        وقد استخدمت العامة العنف والقسوة مع أعدائها وعرفت الإضراب والتظاهرات وكانت تملي رغبتها على الحكام في بعض الأحيان ولكن المرء يستفظع تلك الأعمال الشنيعة التي تمثلت بالقتل والسحل والتمثيل ولا شك أن هـذه الأعمال إنما قام بها الأوباش والسفلة ولا يمكن إلصاقها بعامة الناس.

        وللعامة مواقف مشرفة في الدفاع عن بلادها ضد أخطار الفيضان وضد الغزاة المعتدين [ ص: 112 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية