الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        تحديد معنى العامة

        لعل خير تمييز لحدود هـذه الطبقة أن نحدد ما تعنيه كلمة الخاصة في هـذه الفترة حيث إن بقية الناس سيمثلون العامة فالخاصة في هـذه الفترة هـم الخليفة – وفيما بعد سلاطين المغول – والأمراء والولاة والقضاة والصدور والنظار والعلماء والكتاب وكبار التجار وأشراف الناس كزعماء العلويين والهاشميين ومن في طبقة هـؤلاء أما بقية الناس فهم الذين يندرجون تحت مصطلح العامة وهم في العادة يزاولون مهنا متنوعة في الزراعة والصناعة وربما يكون من المفيد هـنا أن أذكر أنواع المهن التي كان يمارسها العامة في هـذه الفترة لقد ورد في مصادر هـذه الفترة ذكر بعض المهن مثل : الجلية- أي المبيضين – والصفارين والباعة [1] المتجولين والقصاصين وحراس الدروب والنوتية – أي الملاحين – والخياطين والصاغة والخدم والوساقية والبوابين والؤذنين والطستدارية والسرندارية والمطربين والفراشين والسقايين والناقوسيين والوقادين للحمامات والنجارين والعطارين والريحانين والنيراين [2] والمخلطين والمحفدارية والجمالين والنفاطين) [3] والساقة والبراجين وصناع التنانير والفعلة والغسالين والحمالين ودلالي [ ص: 80 ] العقار والطباخين في الأسواق.. فهذه المهن وأشباهها هـي التي كان يمارسها العامة في العراق في هـذه الفترة.

        ويجدر هـنا أن أشير إلى أن هـذا التقسيم للناس إلى طبقتين عامة وخاصة لا يعني أبدا وجود حواجز طبقية في المجتمع الإسلامي في هـذه الفترة فقد كان المجتمع الإسلامي في هـذه الفترة مجتمعا مفتوحا لا نجد فيه تلك الحواجز الطبقية التي تطالعنا عند دراسة المجتمع الأوروبي في العصور الوسطى فالعامي في المجتمع الإسلامي يستطيع الصعود في السلم الإجتماعي حتى يتبوأ مركزا يجعله من أخص الخاصة مثال ذلك الوزير مؤيد الدين محمد بن أحمد بن القصاب هـو أعجمي الأصل كان أبوه قصابا يبيع اللحم على رأس درب البصريين ببغداد ونشأ هـو مشتغلا بالعلوم والآداب حتى اختاره الناصر لدين الله وزيرا له [4]

        واستمر انفتاح المجتمع الإسلامي ومرونته خلال العهد الإلخاني فهذا العميد شمس الدين علي بن الأعرج ( ت 676 هـ ) كان حمالا وأميا ثم صار بائعا لغلة والتمور في الخانات ثم تولى تمغات بغداد فأثرت حاله واستعمل مع الناس والمتصرفين وأهل الثناءات والمروءة [5]

        وهكذا يظهر الواقع التاريخي مدى انفتاح المجتمع الإسلامي أمام سائر أفراده على اختلاف مراكزهم الاجتماعية ومن ثم فإن هـناك جسرا واسعا يصل بين العامة والخاصة وليس هـناك حاجز صلب يقطع هـذا الجسر ويمنع المرور عليه. [ ص: 81 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية