الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) وإذا أسلمت أم ولد النصراني قومت قيمة عدل فبيعت بقيمتها ; لأنه تعذر إبقاؤها في ملك المولى ويده بعد إسلامها وإصراره على الكفر فتخرج إلى الحرية بالسعاية كما بينا في معتق البعض وهذا لأن ملك الذمي محترم فلا يمكن إزالته مجانا وهو إشكال لهما على أبي حنيفة رحمه الله تعالى في أن رق أم الولد مال متقوم وأن وراء ملك المتعة عليها شيء آخر فإن ملكه المتعة في هذه الحالة يزال من غير بدل كما لو أسلمت امرأته وأبى أن يسلم والعذر لأبي حنيفة رحمه الله تعالى من وجهين ( أحدهما ) أن الذمي يعتقد فيها المالية والتقوم ويحرزها لذلك ; لأنه معتقد جواز بيعها وإنما ينبني في حقهم الحكم على اعتقادهم كما في مالية الخمر .

( والثاني ) أن ملكه فيها محترم وإن لم يكن مالا متقوما وقد احتبس عندها لمعنى من جهتها فيكون مضمونا عليها عند الاحتباس وإن لم يكن مالا متقوما كالقصاص فإنه ليس بمال متقوم ثم إذا احتبس نصيب أحد الشريكين عند القاتل بعفو الآخر يلزمه بدله ولم يبين مقدار قيمتها وهي أم ولد [ ص: 169 ] وهذا مشكل فإنها لو كانت بحيث تباع فلا نقصان في قيمتها ولكن قيل قيمة المدبرة قدر ثلثي قيمتها قنة وقيمة أم الولد قدر ثلث قيمتها قنة ; لأن للمالك في مملوكه ثلاث منافع الاستخدام والاسترباح بالبيع وقضاء ديونه من ماليته بعده فبالتدبير ينعدم أحد هذه المعاني وهو الاسترباح ويبقى منفعتان ، وبالاستيلاد ينعدم اثنان ويبقى واحد فتتوزع القيمة على ذلك ثم لا تعتق ما لم تؤد السعاية عندنا وقال زفر رحمه الله تعالى تعتق في الحال والسعاية دين عليها ; لأن إزالة ذل الكافر عن المسلم واجب وفي استدامة الملك عليها ذل ولكنا نقول الذل في الاستخدام قهرا بملك اليمين وذلك يزول بالاستسعاء ; لأنها تصير بمنزلة المكاتبة أحق بنفسها ومكاسبها فالمقصود يحصل بهذا ودفع الضرر عن الذمي واجب ولو قلنا يزول ملكه عنها في الحال ببدل في ذمة مفلسة والمال في ذمة المفلس تاو لأدى إلى الضرار به وكان هذا في الحكم بمنزلة إزالتها عن ملكه بغير بدل ولهذا لا تعتق ما لم تؤد السعاية وليس لها أن تعجز نفسها إلا أن يسلم المولى ، وإن مات المولى أعتقت وسقط عنها السعاية وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى تخارج معنى هذا أنها تخرج من يد المولى وتؤمر بأن تكتسب وتنفق على نفسها إلى أن يموت المولى فحينئذ تعتق فإنه لا يرى السعاية على المملوك بحال فجعل طريق إزالة الذل إخراجها من يد المولى كما قلنا ولو ولدت لأكثر من ستة أشهر منذ صارت مستسعاة لم يثبت نسبه من المولى ; لأنها في حكم المكاتبة ولو ماتت كان على هذا الولد أن يسعى فيما على أمه بمنزلة المولود في الكتابة

التالي السابق


الخدمات العلمية