الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : وإذا التعن الرجل ثلاث مرات والتعنت المرأة ثلاث مرات ثم فرق القاضي بينهما فقد أخطأ السنة ، والفرقة جائزة عندنا وعلى قول زفر والشافعي - رحمهما الله تعالى - حكمه بخلاف السنة باطل ، فلا تقع الفرقة بينهما ; لأنه حكم بخلاف النص ، فإن اللعان بالكتاب ، والسنة خمس مرات والحكم بخلاف النص باطل كما لو حكم بشهادة ثلاثة نفر في حد الزنا أو بشهادة رجل وامرأة بالمال .

( وحجتنا ) في ذلك : أن هذا حكم في موضع الاجتهاد فيجوز وينفذ كالحكم بشهادة المحدود في القذف ونحوها وبيانه من وجهين : أحدهما - أن ما شرع مكررا من واحد فقد يقام الأكثر منه مقام [ ص: 48 ] الكل . والثاني - أن تكرار اللعان للتغليظ ومعنى التغليظ يحصل بأكثر كلمات اللعان ; لأنه جمع متفق عليه وأدنى الجمع كأعلاه في بعض المواضع ، فإذا اجتهد القاضي وأدى اجتهاده إلى هذا الحكم نفذ حكمه ، ألا ترى أنه لو فرق بينهما بعد لعان الزوج قبل لعان المرأة ينفذ حكمه لكونه مجتهدا فيه فبعد ما أتى كل واحد منهما بأكثر كلمات اللعان أولى .

ولا نسلم أن قضاءه مخالف للنص ; لأن أصل الفرقة ، ومحلها غير مذكور في النص وهذا الاجتهاد في محل الفرقة ، فإن من أبطل هذا القضاء يقول : لا تقع الفرقة وإن أتمت المرأة اللعان بعد ذلك ، ولا ينفذ حكمه وإن أتم الزوج اللعان وإنما تقع الفرقة عنده بلعان الزوج ، ولو فرق بينهما بعدما التعن كل واحد منهما مرتين لم ينفذ حكمه ; لأن بقاء أكثر اللعان كبقاء جميعه فهذا حكم في غير موضع الاجتهاد ، فإن أقل الشيء لا يقوم مقام كماله .

التالي السابق


الخدمات العلمية