الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      معلومات الكتاب

      العمل الخيري في ضوء الحديث النبوي

      الدكتور / الداي ولد محمد ولد إيوه

      المبحث الثالث

      إشكاليات العمل التطوعي

      إن المتصدي للعمل الخيري التطوعي، والدارس له، يجد تاريخا طويلا تمتد جذوره إلى أمد بعيد.. ومنشأ هذه الجذور الطبيعي البعد الديني وحث الإسلام على مساعدة الضعفاء والفقراء.. ومع ثورة الاتصالات وتعدد نواحي الحياة برز إلى الوجود ما يسمى بالقطاع المدني، ليشمل كل تلك التنظيمات الناشطة في مجال العمل الخيري التطوعي.. وتنامى المجتمع المدني بكل تشكيلاته، وأصبح له صوت محلي وآخر عالمي، وله من المنظمات والأصوات من يدافع عنه.. وقد يكون لذلك جانبه الإيجابي، فالجمعيات الأهلية ذات الجذور الأصيلة، التي شكلت البدايات والتي اتسـمت أعمالها بالخيرية والغيرية وصالح الإنسان -بلا توجه أو غايات خفية- أصبحت جزءا من المجتمع المدني وكادت تذوب فيه، وتحقق لها من جراء ذلك الآتي:

      1- الانفتاح محليا ودوليا.

      2- تنوع مجالات العمل، ليواكب قضايا أخرى لم تكن مرئية.

      3- وصول العمل الخيري إلى نوع من الحرفية والأخذ بالجديد وتنظيم الأعمال بشكل علمي عصري وليس بشكل تلقائي.

      4- بروز مؤسسات مانحة وأخرى متلقية. [ ص: 157 ]

      وظهرت أيضا مجموعة من السلبيات، منها:

      1- وفود المال والمساعدات في شكل لا يدري ما ينطوي عليه من نوايا.

      2- اضطرار بعض الجمعيات إلى تغيير توجهاتها لتلائم توجهات الممول وأهدافه من أجل الحصول على المال والدعم.

      3- ظهور صور من الفساد في بعض الجمعيات، نتيجة أساليب العمل غير الواضحة.

      4- التسلل إلى الجمعيات للتأثير على توجهاتها، والانحراف أحيانا بغاياتها.

      5- تحمل الجمعيات لسلبيات القطاع، أو قل تعميم المشكلات والشوائب بجانب اختلاط المفاهيم.

      وبأسلوب آخر، فقدت بعض الجمعيات استقلاليتها، واختلطت الأوراق ربما في بعضها الآخر.

      وفي أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، برزت سلبيات وتداعيات خطيرة، منها:

      1- النظر بريبة إلى الجمعيات الخيرية ذات الأصول الدينية.

      2- تجميد أموال بعض الجمعيات بحجة الاشتباه، أو احتمال تمويلها لهذه الجماعات.

      3- إلصاق التهم بالمسلمين، وتحول الأمر إلى ما يشبه صراع الحضارات.

      4- قلق يسود القائمين على العمل الخيري.

      5- انحسار في التبرعات، خشية أن تطال المتبرع تهمة تعزز أية توجهات. [ ص: 158 ]

      وأصبح ذلك يهدد بشكل مباشر العمل الخيري، والسعي إلى تقويضه والنيل منه، على الرغم من أن العمل الخيري يتوجه في غالب الأمر إلى أفقر الفقراء وإلى المحتاجين للخدمات، أي أن هذا العمل الخيري يسعى لتوقيف (هذا التحدي) الذي يمكن أن يقوض مجتمعات وحضارات.

      الأمر إذن أضحى دائرة مفرغة تهدد الكيان المجتمعي، ليس في الدول النامية فحسب ولكن في كافة المجتمعات، حيث تلعب الجهات الخيرية دورا متناميا لخدمة الإنسان وتشكيل ضمير المجتمع، الذي يعبر عن الاحتياجات، ويسهم مع الحكومات والجهات الرسمية في سد الثغرات [1] .

      فما هي إذن أبرز الإشكاليات أو المعوقات، التي تحول دون تطوير العمل الخيري أو تحد من فاعليته؟

      التالي السابق


      الخدمات العلمية