الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ويمكن لكل المشاركات والمساهمات أن تحقق مجموعة من الأهداف، التي نوجز بعضها فيما يلي: [ ص: 100 ]

      - تحديد أولويات التنمية: تعمل الجمعيات والهيئات والمؤسسات الخيرية بالتعاون والتفاعل مع المؤسـسات الحـكوميـة لكي تـؤدي دورا مهما وأسـاسيا في تحديد الأولويات والتحديات في المشاريع التنموية، لما تتمتع به هذه المؤسسات من خصوصية تتمثل في علاقتها بالفئات المستهدفة وقربها، بل واندماجها في بعض الأحيان مع تلك الفئات.. وتنتج تلك العلاقة، بين المؤسسات الخيرية ومختلف فئات المجتمع، رؤية أوضح وأعمق للاحتياجات الملحة وللمشاكل والمعوقات، التي يمكن أن تصادف المشاريع التنموية، ويمكنها من نقل صورة أكثر وضوحا ومصداقية إلى الجهات المعنية بصنع القرار.

      - تخفيض كلفة الإنتاج وتخفيض النفقات الحكومية، كما يسهم العمل الخيري من جهة أخرى في الاقتصاد والناتج القومي للدولة، حيث تعمل المؤسـسات الخيرية من خلال برامجها وأنشطتها، في مجالات خدمة المجتمع، على المساهمة في تخفيض تكاليف إنتاج السلع والخدمات.. فإذا ما تم الاعتماد، في تنفيذ عدد من البرامج وخاصة الخدمية منها في بعض القضايا، كالتـنظيم والإدارة والقوى العـاملة أو حتى رأس المـال، على العـمل الخيـري، فإن ذلك بلا شـك سـيؤدي إلى خفض التـكاليف ويحقق فوائـد لأفراد المجتمع، بتحقيق انخفاض في الأسعار، ويحقق ذلك تقليصا للإنفاق الحكومي، مما يساعد الحكومات على توسيع الخدمات، التي تقدمها لأفراد المجتمع، خاصة في ظل اتجاهات الدول إلى خصخصة الخدمات.

      - المساهمة في زيادة الناتج القومي، من خلال إسهامات المؤسسات الخيرية في تأهيل الأسر والأفراد، ونقلهم إلى دائرة الإنتاج والمقدرة على العطاء، [ ص: 101 ] إذ تعمل على إتاحة الفرصة لهم بالدخول إلى دائرة الاقتصاد القومي، والمساهمة في تنشيط الاقتصاد القومي.

      لقد أشرنا سابقا إلى أن العمل التطوعي أصبح ركيزة أساسية في بناء المجتمع ونشر التماسك الاجتماعي بين المواطنين لأي مجتمع.. والعمل التطوعي ممارسة إنسانية ارتبطت ارتباطا وثيقا بكل معاني الخير والعمل الصالح عند كل المجمـوعات البشـرية منـذ الأزل، ففي الحديث النبوي الشريف: ( لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخـاك بوجـه طلـق ) [1] .. فيـه الحث على فضل المعروف وما تيسر منه، وإن قل، حتى طـلاقة الوجه عند اللقاء [2] .

      دل هذا الحديث على أن كل شيء يفعله المرء أو يقوله من الخير يكتب له به صدقة.. ويطلق اسم "المعروف" على ما عرف بأدلة الشرع أنه من أعمال البر، سواء جرت به العادة أم لا [3] .. قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : "أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه؟ قال: ( تلك عاجل بشرى المؤمن ) [4] ..

      قال العلماء: معناه هذه البشرى المعجلة له بالخير، وهي دليل على رضاء الله تعالى عنه، ومحبته له، فيحببه إلى الخلق، كما سبق في الحديث، [ ص: 102 ] ثم يوضع له القبول في الأرض.. هذا كله إذا حمده الناس من غير تعرض منه لحمدهم ، وإلا فالتعرض مذموم [5] .

      والعمل التطوعي، يختلف في حجمه وشكله واتجاهاته ودوافعه من مجتمع لآخر، ومن فترة زمنية إلى أخرى، فمن حيث الحجم يقل في فترات الاستقرار والهدوء، ويزيد في أوقات الكوارث والنكبات والحروب؛ ومن حيث الشكل فقد يكون جهدا عضليا أو مهنيا أو تبرعا بالمال أو غير ذلك؛ ومن حيث الاتـجـاه فـقـد يـكون تلـقائـيـا أو موجها من قبل الدولة في أنشـطة اجـتماعية أو تـعليمية أو تنموية؛ ومن حيث دوافعه فقد تكون دوافع نفسية أو اجتماعية أو سياسية.

      ولا يجبر الإسلام الناس على فعل الخير، بل إنه يستحسنه، ويحث عليه، ووعد بمكافأة فاعله: ( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) (الإنسان: 9).

      وتتعدد أشكال التطوع، سواء كانت بالمال أو الجهد البدني، أو الفكري، أو حتى بذل الوقت. وقد حض الإسلام على الإيثار، ورغب فيه، واعتبر قمة الإيثار قيمة الجود بما يكون الإنسان في حاجة شديدة إليه، فقد ورد مدح الأنصار في القرآن الكريم: ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) (الحشر:9).. ولأن النفس مجبولة على الشح والحرص على المال، فقد جعل الله اختبار النفس بالإيثار من خصائص المحسنين: ( ومن يوق [ ص: 103 ] شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) (الحشر:9)؛ وحث على تجنب المن والأذى في الصدقات، ووعد من ينتهي عن المن بالثواب: ( الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) (البقرة:262).

      التالي السابق


      الخدمات العلمية