الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      - مصادر تمويل العمل الخيري العربي المعاصر ومؤسساته:

      - أولا: مصادر تمويل العمل الخيري:

      تشكل قطاعات المجتمع المختلفة، وهي القطاع الحكومي العام والقطاع الخاص والقطاع التعاوني والقطاع الأهلي والأفراد بصفتهم الطبيعية، مصادر خصبة للتمويل وتنمية موارد مؤسسات العمل الخيري، وتضطلع أغلب تلك القطاعات بأدوار متفاوتة في دعم العمل الخيري وتمويل برامجه وأنشطته ومشاريعه الخدمية والتنموية، كما تعتبر الزكاة والأوقاف من المصادر الرئيسية لتمويل العمل الخيري.. وسأعرض فيما يلي مساهمات كل قطاع من تلك القطاعات في تمويل العمل الخيري:

      1- القطاع الحكومي: بدأت الحكومات العربية، ولا سيما في السنوات الأخيرة، تراعي في أنظمتها دعم وتشجيع المؤسسات غير الحكومية، غير الربحية، سواء كانت تقوم بعمل اجتماعي أو علمي أو ثقافي.. إلخ.

      والمعروف أن العمل الاجتماعي ومؤسساته في أغلب الدول العربية قد اعتاد الاعتماد على الدولة في تنفيذ أنشطته وبرامجه خلال العقود الماضية، الأمر الذي أدى إلى بروز إشكالية أحادية التمويل لمشاريع وبرامج وأنشطة [ ص: 104 ] العمل الاجتماعي، وضعف المصادر التمويلية الأخرى، وأثرها بالتالي على فاعلية مؤسسات العمل الاجتماعي، مما حال دون تنمية مواردها وتفعيل مـؤسـسـاتـها الاجـتـمـاعـيـة.. ولكن الحـال يـخـتـلـف بالنسبـة للـعـمـل الخيـري، إذ لا يشكل الدعم الحكومي لمؤسـسـاته سوى نسـبة ضـئيلة جدا، فضلا عن أن بعض الجمعيات الخيرية لا تأخذ أي دعم مالي من الحكومة، حيث إنها تكتفي بمصادرها الذاتية ومصادر التمويل الأخرى غير الحكومية.

      2- القطاع الخاص: في هذا الإطار، يجب التمييز ابتداء بين الشركات العائلية المملوكة لشخص أو عائلة والشركات المساهمة العامة، فالملاحظ في الدول العربية أن الشركات العائلية أو الفردية لها نصيب الأسد في المساهمات الخيرية، ويعتبرون أهم الروافد المالية للعمل الخيري.

      أما الشركات المساهمة فيعتبر دورها ضعيفا جدا في دعم العمل الخيري العربي، مع العلم أن رأس مال تلك الشركات يعتبر كبيرا جدا بالمقارنة مع الشركات العائلية، وأن مما يميز الغرب هو الاعتماد على الشركات المساهمة الكبيرة في دعم النشاط الخيري.

      إن هذه المسألة الحيوية حول أهمية النظر إلى القطاع الخاص كمصدر واعد لتمويل مشاريع الخير العربي يتطلب التفكير في وضع نظم تحفيزية لجذب هذا القطاع، وتفعيل مشاركته المجتمعية، لتمكين مؤسسات الخير العربي [ ص: 105 ] من الديمومة والاستمرار، كمكون أصيل في بنية المجتمع المدني العربي [1] .

      إن هذه المرحلة تتطلب أن يرتقي القطاع الخيري بتنظيماته وآليات عمله، لكسب ثقة القطاع الخاص.. ويمكنه في ذلك اتباع الخطوات التالية:

      - اعتماد سياسة الشفافية والمساءلة من قبل مؤسسات الخير العربي، وإقناع المتبرعين في القطاع الخاص بحيوية المشاريع والبرامج، التي تنفذها.

      - اعتماد مشاريع متكاملة مرفقة بدراسات ذات جدوى اقتصادية واجتماعية، وتقديمها لمؤسسات وشركات القطاع الخاص، لتوفير التمويل، ودعم تلك المشاريع، ولو على مراحل وبشكل تدريجي.

      - إشراك القطاع الخاص في إبداء الرأي والمشورة، والأخذ بمقترحاته في اختيار المشاريع، الأمر الذي يجعله متبنيا ومنتسبا للأفكار المطروحة.

      - إطلاع الشركات والمساهمين في تمويل المشاريع الخيرية، وبشكل موثق وشفاف، بالنتائج المتحققة عن المشاريع المساهم في تمويلها.

      - دعوة القائمين على مؤسسات القطاع الخاص لتحمل مسؤولياتهم نحو المجتمع، من خلال المساهمة في مشاريع التنمية والبرامج الإنسانية.

      3 - المصادر الدولية: تعتبر المصادر الدولية من مصادر تمويل العمل الخيري في الدول العربية، ولا شك أن هذا المصدر يقع تحت تأثير المتغيرات الدولية والسياسية، كما يقع تحت نفوذ الدول العظمى والدول الصناعية الكبرى والتي تعتبر من المساهمين في الصناديق الدولية، لذا لا يجب التعويل عـليها كثيرا، فالمصـدر المتاح اليوم قد لا يتاح غدا، لتغير المواقف السياسية، ولا يخفى على القائمين على العمل الخيري صعوبات التقديم، وطول الإجراءات، وتعقيدها، للحصول على المنح من الصناديق الدولية. [ ص: 106 ]

      التالي السابق


      الخدمات العلمية