قال ( وعصير العنب إذا طبخ حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه حلال [ ص: 102 ] وإن اشتد ) وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف
وقال محمد ومالك والشافعي : حرام ، وهذا الخلاف فيما إذا قصد به التقوي ، أما إذا قصد به التلهي لا يحل بالاتفاق
وعن محمد مثل قولهما ، وعنه أنه كره ذلك ، وعنه أنه توقف فيه
لهم في إثبات الحرمة قوله عليه الصلاة والسلام { كل مسكر خمر } وقوله عليه الصلاة والسلام { ما أسكر كثيره فقليله حرام } ويروى عنه عليه الصلاة والسلام { ما أسكر الجرة منه فالجرعة منه حرام } ولأن المسكر يفسد العقل فيكون حراما قليله وكثيره كالخمر
ولهما قوله عليه الصلاة والسلام { حرمت الخمر لعينها } [ ص: 103 ] ويروى { بعينها قليلها وكثيرها ، والسكر من كل شراب } خص السكر بالتحريم في غير الخمر ; إذ العطف للمغايرة ، ولأن المفسد هو القدح المسكر وهو حرام عندنا
[ ص: 104 ] وإنما يحرم القليل منه ; لأنه يدعو لرقته ولطافته إلى الكثير فأعطي حكمه ، والمثلث لغلظه لا يدعو وهو في نفسه غذاء فبقي على الإباحة : والحديث الأول غير ثابت على ما بيناه ، ثم هو محمول على القدح الأخير إذ هو [ ص: 105 ] المسكر حقيقة
والذي يصب عليه الماء بعد ما ذهب ثلثاه بالطبخ حتى يرق ثم يطبخ طبخة حكمه حكم المثلث ; لأن صب الماء لا يزيده إلا ضعفا ، بخلاف ما إذا صب الماء على العصير ثم يطبخ حتى يذهب ثلثا الكل ; لأن الماء يذهب أولا للطافته ، أو يذهب منهما فلا يكون الذاهب ثلثي ماء العنب
ولو طبخ العنب كما هو ثم يعصر يكتفى بأدنى طبخة في رواية عن أبي حنيفة ، وفي رواية عنه لا يحل ما لم يذهب ثلثاه بالطبخ ، وهو الأصح ; لأن العصير قائم فيه من غير تغير فصار كما بعد العصر .


