قال ( ومن فهو للثاني ويؤكل ) ; لأنه هو الآخذ ، وقد قال عليه الصلاة والسلام { رمى صيدا فأصابه ولم يثخنه ولم يخرجه عن حيز الامتناع فرماه آخر فقتله } ( وإن كان الأول أثخنه فرماه الثاني فقتله فهو للأول ولم يؤكل ) [ ص: 133 ] لاحتمال الموت بالثاني ، وهو ليس بذكاة للقدرة على ذكاة الاختيار ، بخلاف الوجه الأول ، وهذا إذا كان الرمي الأول بحال ينجو منه الصيد ; لأنه حينئذ يكون الموت مضافا إلى الرمي الثاني الصيد لمن أخذ
وأما إذا كان الأول بحال لا يسلم منه الصيد بأن لا يبقى فيه من الحياة إلا بقدر ما يبقى في المذبوح ، كما إذا أبان رأسه يحل ; لأن الموت لا يضاف إلى الرمي الثاني ; لأن وجوده وعدمه بمنزلة ، وإن كان الرمي الأول بحال لا يعيش منه الصيد إلا أنه بقي فيه من الحياة أكثر مما يكون بعد الذبح بأن كان يعيش يوما أو دونه ; فعلى قول لا يحرم بالرمي الثاني ; لأن هذا القدر من الحياة لا عبرة بها عنده أبي يوسف
وعند يحرم ; لأن هذا القدر من الحياة معتبر عنده على ما عرف من مذهبه محمد
فصار الجواب فيه والجواب فيما إذا كان الأول بحال لا يسلم منه الصيد سواء فلا يحل
قال ( والثاني ضامن لقيمته للأول غير ما نقصته جراحته ) ; لأنه بالرمي أتلف صيدا مملوكا له ; لأنه ملكه بالرمي المثخن وهو منقوص بجراحته ، وقيمة المتلف تعتبر يوم الإتلاف
قال رضي الله عنه : تأويله إذا علم أن القتل حصل بالثاني بأن كان الأول بحال يجوز أن يسلم الصيد منه والثاني بحال لا يسلم الصيد منه ليكون القتل كله مضافا إلى الثاني وقد قتل حيوانا مملوكا للأول منقوصا بالجراحة فلا يضمنه كاملا ، كما إذا قتل عبدا مريضا [ ص: 134 ] وإن علم أن الموت يحصل من الجراحتين أو لا يدري
قال في الزيادات : يضمن الثاني ما نقصته جراحته ثم يضمنه نصف قيمته مجروحا بجراحتين ثم يضمن نصف قيمة لحمه
أما الأول فلأنه جرح حيوانا مملوكا للغير وقد نقصه فيضمن ما نقصه أولا
وأما الثاني فلأن الموت حصل بالجراحتين فيكون هو متلفا نصفه وهو مملوك لغيره فيضمن نصف قيمته مجروحا بالجراحتين ; لأن الأولى ما كانت بصنعه ، والثانية ضمنها مرة فلا يضمنها ثانيا
وأما الثالث فلأن بالرمي الأول صار بحال يحل بذكاة الاختيار لولا رمي الثاني ، فهذا بالرمي الثاني أفسد عليه نصف اللحم فيضمنه ، ولا يضمن النصف الآخر ; لأنه ضمنه مرة فدخل ضمان اللحم فيه ، وإن كان رماه الأول ثانيا فالجواب في حكم الإباحة كالجواب فيما إذا كان الرامي غيره ، ويصير كما إذا رمى صيدا على قمة جبل فأثخنه ثم رماه ثانيا فأنزله لا يحل ; لأن الثاني محرم ، كذا هذا .