[ ص: 394 ] ( كتاب المعاقل )
المعاقل جمع معقلة ، وهي الدية ، وتسمى الدية عقلا لأنها تعقل الدماء من أن تسفك : أي تمسك . قال ( ، والعاقلة الذين يعقلون ) يعني يؤدون [ ص: 395 ] العقل وهو الدية ، وقد ذكرناه في الديات . والأصل في وجوبها على العاقلة قوله عليه الصلاة والسلام في حديث والدية في شبه العمد والخطإ ، وكل دية تجب بنفس القتل على العاقلة حمل بن مالك رضي الله عنه للأولياء { } ولأن النفس محترمة لا وجه إلى الإهدار والخاطئ معذور ، وكذا الذي تولى شبه العمد نظرا إلى الآلة فلا وجه إلى إيجاب العقوبة عليه ، وفي إيجاب مال عظيم إجحافه واستئصاله فيصير عقوبة فضم إليه العاقلة تحقيقا للتخفيف . وإنما خصوا بالضم لأنه إنما قصر لقوة فيه وتلك بأنصاره وهم العاقلة فكانوا هم المقصرين في تركهم مراقبته فخصوا به . قوموا فدوه
قال ( والعاقلة أهل الديوان إن يؤخذ من عطاياهم في ثلاث سنين ) وأهل الديوان أهل الرايات وهم الجيش الذين كتبت أساميهم في الديوان وهذا عندنا . كان القاتل من أهل الديوان
وقال : الدية على أهل العشيرة لأنه كان كذلك على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا نسخ بعده ولأنه صلة والأولى بها الأقارب . ولنا قضية الشافعي رضي الله عنه فإنه لما دون الدواوين جعل العقل على أهل الديوان ، وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم من غير نكير منهم ، وليس ذلك بنسخ بل هو تقرير معنى لأن العقل كان على أهل النصرة وقد كانت بأنواع : بالقرابة والحلف والولاء والعد . عمر
وفي عهد رضي الله عنه قد صارت بالديوان فجعلها على أهله اتباعا للمعنى ولهذا قالوا : لو كان اليوم قوم تناصرهم بالحرف فعاقلتهم أهل الحرفة ، وإن كان بالحلف فأهله والدية صلة كما قال ، لكن إيجابهم فيما هو صلة وهو العطاء أولى منه في أصول أموالهم ، والتقدير بثلاث سنين مروي عن النبي عليه الصلاة والسلام [ ص: 396 ] ومحكي عن عمر رضي الله عنه ، ولأن الأخذ من العطاء للتخفيف والعطاء يخرج في كل سنة مرة ( فإن خرجت العطايا في أكثر من ثلاث سنين أو أقل أخذ منها ) لحصول المقصود وتأويله إذا كانت العطايا للسنين المستقبلة بعد القضاء ، حتى لو اجتمعت في السنين الماضية قبل القضاء ثم خرجت بعد القضاء لا يؤخذ منها لأن الوجوب بالقضاء على ما نبين إن شاء الله تعالى . ولو خرج للقاتل ثلاث عطايا في سنة واحدة معناه في المستقبل يؤخذ منها كل الدية لما ذكرنا ، وإذا كان جميع الدية في ثلاث سنين فكل ثلث منها في سنة ، [ ص: 397 ] وإن كان الواجب بالعقل ثلث دية النفس أو أقل كان في سنة واحدة وما زاد على الثلث إلى تمام الثلثين في السنة الثانية ، وما زاد على ذلك إلى تمام الدية في السنة الثالثة عمر