الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومنها ) إذا بان النقد المعين معيبا فله حالتان :

أحدهما : أن يكون عيبه من غير جنسه فيبطل العقد من أصله نص عليه وذكره الأصحاب وعللوه بأنه زال عنه اسم الدينار والدراهم بذلك فلم يصح العقد عليه كما لو عقد على شاة فبانت حمارا وأومأ إليه أحمد في رواية الميموني فقال إن كان ذهبا حمل عليه شيء دخل فيه من الفضة أو النحاس أو خالطه غيره فقد زال عنه اسم الذهب ; لما دخل فيه وهذا متوجه إذا كان كله أو غالبه كذلك وأما إن كان فيه يسير من غير جنسه فلا يزال عنه الاسم بالكلية فلا ينبغي بطلان العقد ها هنا بالكلية .

وهذا ظاهر كلام أبي محمد التميمي في خصاله ويحتمل أن يبطل العقد هاهنا لمعنى آخر وهو أن البائع لا يمكن إجباره على قبول هذا وإنما باع بدينار كامل والمشتري لا يجبر على دفع بقية الدينار لأنه إنما اشترى بهذا الدينار المتعين فبطل العقد ويحتمل أن يصح البيع بما في الدينار من الذهب بقسطه من المبيع ويبطل الباقي ، وللمشتري الخيار لتبعض المبيع عليه وأصل هذين الاحتمالين الروايتان فيما إذا باعه أرضا معينة على أنها عشرة أذرع فبانت تسعة يحتمل أن يصح البيع كله بدينار ويلزم المشتري بثمن الدينار من غيره ذهبا ; لأن العقد وقع على دينار كامل فإذا بان دونه وجب إتمامه جمعا بين المقصدين : التعيين والتسمية .

وأصل هذا الوجه ما نص عليه أحمد في رواية ابن منصور فيمن اشترى سمنا في ظرف فوجد فيه ربا إن كان سمانا عنده سمن أعطاه بوزنه سمنا وإن لم يكن عنده سمن أعطاه بقدر الرب من الثمن وإنما فرق بين السمان وغيره لأن السمان شأنه بيع السمن فكأنه باعه بمقدار الظرف سمنا وأما غيره فإنما باعه هذا الظرف المعين . والنقود من جنس الأول لا الثاني .

( الحالة الثانية ) : أن يكون عيبها من جنسها ولم ينقص وزنها كالسواد في الفضة فالبائع بالخيار بين الإمساك والفسخ وليس له البدل لتعيين النقد في العقد ومن أمسك فله الأرش إلا في صرفها بحبسها صرح به الحلواني وابنه وصاحب المحرر وفي بعض نسخ الخرقي ما يقتضيه وظاهر كلام أبي الخطاب خلافه فهذا كله تفريع على رواية تعيين النقود فأما على الأخرى فلا يبطل العقد بحال إلا أن يتفرقا والعيب من غير الجنس لفوات قبض المعقود عليه في المجلس ولا فسخ بذلك وإنما يثبت به البدل دون الأرش لأن الواجب في الذمة دون المعين

التالي السابق


الخدمات العلمية