المسألة الرابعة : ومأخذه أن الصدقة لا تملك بدون القبض وفي مصنف بيع الصدقات قبل أن تقبض عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن غير واحد أن { موسى بن عقبة } وعن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع الصدقة حتى تعتقل وتوسم يحيى بن العلاء البجلي عن خثعم بن عبد الله عن عن محمد بن زيد قال { شهر بن حوشب } وهذا المرسل أشبه من المسند السابق . نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الصدقات حتى تقبض
فأما على القول بملكها بمجرد القبول إذا تعينت من غير [ ص: 86 ] قبض فقد مر نص بجواز التوكيل فيها ، وهو نوع تصرف فقياسه سائر الصدقات ، وتكون حينئذ كالهبة المملوكة بالعقد ، وأما إذا عينها المالك من ماله وأفردها فلا يصير بذلك صدقة ولا يخرج عن ملكه بدون قبض المستحق أو قبوله وقد نص أحمد على أنها إذا تلفت بعد تعينها لم تبرأ ذمته من الزكاة وأما إن كانت صدقة تطوع فاستحب إمضاءها وكره الرجوع فيها ، ونقل عنه ما يدل على خروجها عن ملكه بمجرد التعيين ، ونقل أحمد عبد الله عنه أنه قال كل شيء جعله الرجل لله يمضيه ولا يرجع في ماله ، وذلك أنه قد خرج من ملكه فليس هو له من صدقة أو معروف أو صلة رحم وإن كان قليلا أمضاه ونقل عنه جيش بن سندي في رجل المدفوع يردها عليه ؟ قال لا يردها عليه يمضيها فيما أمره به ، ونقل دفع إلى رجل دراهم فقال له تصدق بهذه الدراهم ثم إن الدافع جاء فقال رد إلي الدراهم ، ما يصنع معناه وحمل جعفر بن محمد ذلك على الاستحباب . القاضي
وقال لا أعلم للاستحباب وجها وهو كما قال وإنما يتخرج على أن الصدقة تتعين بالتعيين كما يقول في الهدي والأضحية أنه يتعين بالقول بلا خلاف ، وفي تعيينه بالنية وجهان فإذا قال هذه صدقة تعينت وصارت في حكم المنذورة وصرح به الأصحاب لكن هل ذلك إنشاء للنذر أو إقرار ؟ فيه خلاف بين الأصحاب ، وإذا عين بنيته أن يجعلها صدقة وعزلها عن ماله فهو كما اشترى شاة ينوي التضحية بها ، ولا يلزم من ذلك سقوط الزكاة عنه بتلفها قبل قبض المستحق أو الإمام لأنا إن قلنا الزكاة في الذمة فهو كما لو عين عن الهدي واجب في الذمة هديا فعطب فإنه يلزمه إبداله وإن قلنا في العين فلا يبرأ منها لفوات قبض المستحق أو من يقوم مقامه وإيصاله أيضا واجب عليه فلا يبرأ بدونه ، ولا يكتفى فيه بالتمييز ولو حصل التمكين من القبض من فعل الدفع واجب عليه فكيف إذا [ لم ] يحصل التمكين والله أعلم . ابن عقيل