( ومنها ) إذا فإن للأصحاب في الاكتفاء ببعض الصفة في الطلاق والعتاق طرقا ثلاثة ، إحداهن أنه يكتفي بها كما يكتفي بذلك في الحنث في اليمين وهي طريقة علق طلاق نسائه أو عتق رقيقه على صفات متعددة فوجد بعضها من بعض وباقيها من بعض آخر فهل يكفي في وقوع الطلاق والعتاق مع قطع النظر عن الحنث بوجود بعض الصفة واستثنى في الجامع من ذلك أن تكون [ ص: 258 ] الصفة معارضة . القاضي
والثانية : لا يكتفي بها وإن اكتفيا ببعض المحلوف عليه في الحنث ; لأن هذا شرط ومشروط وعلة ومعلول فلا يترتب الأثر إلا على تمام المؤثر وهي طريقة وصاحب المغني . ابن عقيل
والثالثة : إن كانت الصفة تنتفي قطعا أو تبعا أو تصديقا أو تكذيبا فهي كاليمين وإلا فهي علة محضة فلا بد من وجودها بكمالها وهي طريقة صاحب المحرر . يفرع على اختياره في هذه المسائل فقال فيما والقاضي عتق كل واحد منهم بأداء حصته ، وكذلك إذا قال لعبيده : إذا دخلتم الدار فأنتم أحرار عتق من دخل منهم ; لأن وجود الصفة تقوم مقام جميعها فمتى أدى واحد منهم عتق هكذا ذكره في باب الكتابة ورده الشيخ إذا قال لعبيده : إذا أديتم إلي ألفا فأنتم أحرار وقال : هو عندي خطأ يقينا ; لأن هذه الصفة لا تشتمل على منع ولا حث انتهى . مجد الدين
وعندي أنه لو صح الاكتفاء ببعض الصفة هاهنا لم يصح ما قاله ولم يتفرع على الاكتفاء لبعض الصفة إذ لو كان التفريع على ذلك لعتقوا كلهم بأداء بعضهم لبعض الألف وبدخول بعضهم الدار وهذا خلاف قول القاضي وإنما يتوجه ما قاله القاضي على أن يكون من باب توزيع المفردات على المفردات فكأنه قال : من دخل منكم الدار فهو حر ومن أدى إلي حصته من الألف فهو حر ، وهذا لا تعلق له بمسألة الاكتفاء ببعض الصفة وكلام القاضي يدل على اعتبار هذا التوزيع في مثل هذه التعليقات ، فإنه نص في رواية أحمد في مهنا عتقت حصته فقط فإذا مات الآخر عتقت حصته . عبد بين رجلين قالا له : إذا متنا فأنت حر ، ثم مات أحدهما
قال أبو بكر ; لأنهما كالمعتقين على انفرادهما وهذا هو المذهب عند أبي بكر وابن أبي موسى ، وتعليل أبي بكر يدل على أنه جعله من باب توزيع المفرد على المنفرد كأنهما قالا : إن مات أحد منا فنصيبه منك حر ، وتأول ذلك على أن العتق حصل بوجود بعض الصفة ورده الشيخ القاضي بأن الصفة إنما تكفي ببعضها إذا كانت في معنى اليمين يقضي حضا أو منعا ، وما لم يكن كذلك كطلوع الشمس وقدوم زيد فلا يكتفي فيه بالبعض ، ونقل الإجماع عليه وهو مردود من وجه آخر وهو أنه لو اكتفى ببعض الصفة لعتق العبد كله عليها بموت أحدهما لم يكن وجه لعتق نصيب أحدهما . مجد الدين
وإنما لم يسر إلى نصيب صاحبه لأحد أمرين إما ; لأن السراية تمنع بعد الموت كما هو إحدى الروايتين أو ; لأن التدبير يمنع السراية وهو أحد الوجهين . وخرج الشيخ المسألة على روايتين من مسألة تعليق العتق على صفة بعد الموت فإن في صحته روايتين : مجد الدين
أحدهما : يصح هذا التعليق ولا يعتق منه شيء هاهنا حتى يموت الآخر منهما فيعتق العبد كله حينئذ : والثانية لا يصح هذا التعليق ولا يعتق به شيء من العبد هاهنا ; لأن كلا منهما علق عتقه على موته وموت شريكه ولا يوجد إلا بعد موته ، ولكن هاهنا قد يمكن اجتماع موتهما في آن واحد فلا يتوجه [ ص: 259 ] إبطال التعليق من أصله بخلاف قوله : إن دخلت الدار بعد موتي فأنت حر .
ومن هذه المسائل : لو فيه وجهان ذكرهما قال لزوجتيه : إن دخلتما هاتين الدارين أو كلمتما زيدا وعمرا فأنتما طالقتان فكلمت إحداهما زيدا والأخرى عمرا أو دخلت كل واحدة منهما دارا ، وقلنا لا يكتفي ببعض الصفة فهل تطلقان أم لا ؟ ومن بعده من الأصحاب وجعل أبو الخطاب المذهب الوقوع وإنما ذكر الأخرى تخريجا . ومذهب الحنفية والمالكية الوقوع وهو أحد وجهي الشافعية مع قولهم وقول الحنفية أن بعض الصفة لا يكفي في الحنث فعلم بذلك أن هذا ليس مفرعا على الاكتفاء ببعض الصفة . أبو الخطاب
ويتخرج في مسائل التدبير السابقة أن تطلق هاهنا كل واحدة بدخول الدار عقب دخولها ولا يتوقف طلاقها على دخول الأخرى ; لأن معنى كلامه من دخلت منكما دارا من هاتين الدارين فهي طالق ، ويتخرج من هذا القول هاهنا فيما إذا قال لهما : إن حضتما فأنتما طالقان .
وجه أن كل واحدة تطلق بحيض نفسها وأن لا يشترط ثبوت حيض كل واحدة منهما بالنسبة إليهما بل يكفي ثبوت حقها في حيضها بإقرارها . وكذلك في قوله : إن شئتما فأنتما طالقتان فشاءت إحداهما ، أو إن حلفت بطلاقكما فأنتما طالقتان ثم حلف بطلاق إحداهما أنها تطلق . ومن العجب أن لم يفرع شيئا من هذه المسائل على اختياره في الاكتفاء بوجود بعض الصفة مطلقا سواء اقتضت حثا أو منعا أو كانت تعليقا محضا ، ومقتضى قوله أن يطلقا هاهنا معا بوجود حيض إحداهما ، ومشيئة إحداهما ، والحلف بطلاق إحداهما في هذه المسائل القاضي