سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
[142] سيقول السفهاء أي: الجهال من الناس وهم مشركو مكة، واليهود.
ما ولاهم صرفهم وحولهم. [ ص: 212 ]
عن قبلتهم التي كانوا عليها يعني: بيت المقدس، والقبلة فعلة من المقابلة، سميت قبلة; لأن المصلي يقابلها وتقابله. نزلت في الفريقين لما طعنوا في تحويل القبلة من بيت المقدس إلى مكة، فقال مشركو مكة: قد تردد على محمد أمره، واشتاق إلى مولده، وقد يرجع نحو بلدكم، وهو راجع إلى دينكم، وقالت اليهود: اشتاق الرجل إلى وطنه، فقال الله تعالى:
قل لله المشرق والمغرب بما فيهما، المعنى: إنكم تصلون إلى الكعبة وهي بالمشرق، وإلى بيت المقدس وهو بالمغرب، وكلها له.
يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم فيوجهه تارة إلى مكة، وتارة إلى بيت المقدس، لا اعتراض عليه; لأنه المالك وحده. قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن كثير، وأبو جعفر، ورويس : (يشاء إلى) بتحقيق الهمزة الأولى، وتسهيل الثانية، واختلف في كيفية تسهيلها، فذهب جمهور المتقدمين إلى أنها تبدل واوا خالصة مكسورة، وذهب بعضهم إلى أنها تجعل بين الهمزة والياء، وهو مذهب أئمة النحو والمتأخرين من القراء، وهو الأوجه في القياس. وقرأ الباقون، وهم الكوفيون، وابن عامر، وروح: بتحقيق الهمزتين. [ ص: 213 ]