الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين .

[145] ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب يعني: اليهود والنصارى.

بكل آية أي: معجزة وبرهان على صدقك في أمر القبلة وغيرها.

ما تبعوا قبلتك يعني: الكعبة.

وما أنت بتابع قبلتهم لأنك على الحق، وقبلتك غير منسوخة أبدا.

وما بعضهم بتابع قبلة بعض لأن اليهود تستقبل بيت المقدس، وهو المغرب، والنصارى تستقبل المشرق، وقبلة المسلمين الكعبة، وكل طائفة تعتقد أن الحق دينها، ثم خوطب - صلى الله عليه وسلم - والمراد غيره بقوله:

ولئن اتبعت أهواءهم مرادهم.

من بعد ما جاءك أي: وصل إليك.

من العلم اليقين من أمر القبلة وشرائع الإسلام.

إنك إذا لمن الظالمين وتم الوقف هنا.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما بين المشرق والمغرب قبلة"، والمراد بالمشرق: مشرق الشتاء في أقصر يوم في [ ص: 220 ] السنة، وبالمغرب: مغرب الصيف في أطول يوم في السنة، فأقصر الأيام في الشتاء يوم آخر القوس، وهو انسلاخ فصل الخريف، وكذلك اليوم الذي يليه، وهو أول الجدي افتتاح فصل الشتاء، ويأتي ذلك في شهر كيهك من السنة القبطية، وفي شهر كانون الأول من السنة السريانية، وأطول الأيام في الصيف يوم آخر الجوزاء، وهو انسلاخ فصل الربيع، وكذا اليوم الذي يليه، وهو أول السرطان افتتاح فصل الصيف، ويأتي ذلك في شهر بئونة من السنة القبطية، وفي شهر حزيران من السنة السريانية، فمن جعل مغرب الصيف في هذا الوقت عن يمينه، ومشرق الشتاء في ذلك الوقت عن يساره، كان وجهه إلى القبلة، وهذا لمن يكون في المدينة الشريفة -على الحال بها أفضل الصلاة والسلام-، وبيت المقدس ومصر والشام وما والاها ممن يستقبل الجدار الشامي من الكعبة الشريفة، وهو الذي يليه حجر إسماعيل -عليه السلام- وبأعلاه الميزاب.

ومن دلائل القبلة القطب، وهو نجم، وقيل نقطة إذا جعله المصلي وراء ظهره بالشام وما حاذاها، وخلف أذنه اليمنى بالمشرق، وعلى عاتقه الأيسر بإقليم مصر وما والاه، كان مستقبلا للقبلة، والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية