فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين .
[39] فنادته الملائكة أجابته، والمراد جبريل وحده، جمع تعظيما له. قرأ حمزة، والكسائي، : (فناداه) بألف ممالة إرادة [ ص: 447 ] الجمع، وقرأ الباقون: بالتاء; لتأنيث لفظ الملائكة. وخلف
وهو قائم يصلي في المحراب أي: في المسجد. قرأ عن ابن ذكوان : (المحراب) بالإمالة حيث وقع بالخفض، وعنه خلاف في غير المخفوض. ابن عامر
أن الله يبشرك قرأ : (إن الله) بكسر الهمزة (يبشرك): بضم أوله وكسر الشين مشددا، وقرأ ابن عامر : (إن الله) حمزة (يبشرك) بفتح الياء وضم الشين مخففا، وقرأ كابن عامر : (أن الله) بفتح الهمزة (يبشرك) كقراءة [ الكسائي وقرأ الباقون: (أن الله) بفتح الهمزة (يبشرك) كقراءة] حمزة، فالقراءة بكسر الألف على إضمار القول، تقديره: فنادته الملائكة فقالت: إن، وبالفتح بإيقاع النداء عليه، كأنه قال: فنادته الملائكة بأن، والقراءة بضم الياء وفتح الباء وكسر الشين مشددا من بشر، وهو الأفصح، وبفتح الياء وضم الشين مخففا من بشر، وهي لغة تهامة. [ ص: 448 ] ابن عامر،
بيحيى سمي به; لأنه حيي به الرحم العاقر. قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، : (يحيى) بالإمالة حيث وقع. وخلف
مصدقا نصب على الحال; أي: مؤمنا.
بكلمة من الله يعني: عيسى عليه السلام; أي: بكلمة كائنة من الله بأن قال له: كن من غير أب، فكان، فوقع عليه اسم الكلمة، وكان يحيى أول من آمن بعيسى وصدقه، وكان أسن من عيسى بستة أشهر، وقيل: صدقه وهو في بطن أمه، فكانت أم يحيى تقول لمريم: إني أجد ما في بطني يسجد لما في بطنك تحية له، وكانا ابنا الخالة كما تقدم، ثم قتل يحيى قبل رفع عيسى عليهما السلام بسنة ونصف، وله نيف وثلاثون سنة، ونبئ صغيرا، وكان عيسى قد حرم نكاح بنت الأخ، وكان لهرودوس وهو الحاكم على بني إسرائيل بنت أخ، وأراد أن يتزوجها كما هو جائز في ملة اليهود، فنهاه يحيى عن ذلك، فأمر بذبح يحيى، فذبح ووضع رأسه بين يديه، فكان الرأس يتكلم ويقول: لا تحل لك، واستمر غليان دمه حتى بعث الله عليهم ملكا من جهة المشرق يقال له: حردوس، فقتل منهم على دم يحيى سبعين [ ص: 449 ] ألفا إلى أن سكن دمه، وقبره عند قبر والده، على الخلاف المتقدم، وبين وفاته والهجرة الشريفة الإسلامية خمس مئة ونحو ست وتسعين سنة.
وسيدا هو من ساد قومه، ويحيى ساد قومه والناس في أنه لم يرتكب سيئة قط.
وحصورا ممتنعا من الوطء مع القدرة عليه، وليس كما قال بعضهم: إنه كان هيوبا، أو لا ذكر له; لأن هذه نقيصة وعيب لا تليق بالأنبياء، وإنما معناه: إنه معصوم من الذنوب لا يأتيها; كأنه حصر عنها.
ونبيا من الصالحين .