وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم .
[49] وإذ نجيناكم يعني: أسلافكم وأجدادكم، عدها منة عليهم; لأنهم نجو بنجاتهم.
من آل فرعون قومه وأتباعه وأهل دينه، وهو الوليد بن مصعب بن الريان، وكان من القبط من العمالقة، وكان قصيرا طويل اللحية، أشهل العينين، صغير العين اليسرى، أعرج، وكان شجاعا ساحرا كاهنا كاتبا حكيما، متصرفا في كل فن، واسمه عند القبط ظلما، وعمر أكثر من أربع مئة سنة، وفرعون علم لمن ملك مصر.
يسومونكم يذيقونكم.
سوء العذاب أشده وأسوأه، وذلك أن فرعون جعل بني إسرائيل خدما وخولا، وصنفهم في الأعمال، فصنف يبنون، وصنف يحرثون، وصنف يخدمونه، ومن لم يكن منهم في عمل، وضع عليه الجزية.
يذبحون أبناءكم أصل الذبح: الشق، والتشديد للتكثير.
ويستحيون نساءكم يتركونهن أحياء، وذلك أن فرعون رأى في منامه كأن نارا أقبلت من بيت المقدس، وأحاطت بمصر، وأحرقت كل قبطي بها، ولم تتعرض لبني إسرائيل، فهاله ذلك، وسأل الكهنة عن رؤياه، فقالوا: سيولد في بني إسرائيل غلام يكون على يده هلاكك، فأمر فرعون بقتل كل غلام يولد في بني إسرائيل، ووكل بالقوابل، فكن يفعلن ذلك. [ ص: 98 ]
قيل: إنه قتل في طلب موسى اثني عشر ألف صبي، وقيل: تسعين ألف وليد. وأسرع الموت في مشيخة بني إسرائيل، فدخل رؤوس القبط على فرعون، وقالوا: إن الموت وقع في بني إسرائيل، فتذبح صغارهم، ويموت كبارهم، فيوشك أن يقع العمل علينا، فأمر فرعون أن يذبحوا سنة، ويتركوا سنة، فولد هارون في السنة التي لا يذبحون فيها، وولد موسى في السنة التي يذبحون فيها. قرأ (ويستحيون نساءكم) بإدغام النون في النون. أبو عمرو
وفي ذلكم بلاء اختبار.
من ربكم عظيم قيل: البلاء: المحنة; أي: في سومهم إياكم سوء العذاب محنة عظيمة، وقيل: البلاء: النعمة; أي: وفي إنجائي إياكم منهم نعمة عظيمة، والبلاء يكون بمعنى النعمة، وبمعنى الشدة، والله تعالى قد يختبر على النعمة بالشكر، وعلى الشدة بالصبر.