قال تعالى : ( ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ) ( 83 ) .
قوله تعالى : ( فإن رجعك الله ) : هي متعدية بنفسها ، ومصدرها رجع ، وتأتي لازمة ، ومصدرها الرجوع .
قال تعالى : ( إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) ( 84 ) .
قوله تعالى : ( منهم ) : صفة لأحد ، و " مات " صفة أخرى . ويجوز أن يكون " منهم " حالا من الضمير في مات .
( أبدا ) : ظرف لـ " تصل " .
قال تعالى : ( وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولو الطول منهم ) ( 86 ) .
[ ص: 486 ] قوله تعالى : ( أن آمنوا ) : أي آمنوا ؛ والتقدير : يقال فيها آمنوا . وقيل : إن هنا مصدرية ؛ تقديره : أنزلت بأن آمنوا ؛ أي : بالإيمان .
قال تعالى : ( وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون رضوا بأن يكونوا مع الخوالف ) ( 87 ) .
قوله تعالى : ( مع الخوالف ) : هو جمع خالفة ، وهي المرأة ، وقد يقال للرجل خالف وخالفة ، ولا يجمع المذكر على خوالف .
قال تعالى : ( ورسوله سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ) ( 90 ) .
قوله تعالى : ( وجاء المعذرون ) : يقرأ على وجوه كثيرة ، قد ذكرناها في قوله : ( بألف من الملائكة مردفين ) [ الأنفال : 9 ] .
قال تعالى : ( ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ) ( 91 ) .
قوله تعالى : ( إذا نصحوا ) : العامل فيه معنى الكلام ؛ أي : لا يخرجون حينئذ .
قال تعالى : ( حزنا ألا يجدوا ما ينفقون ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع ) ( 92 ) .
قوله تعالى : ( ولا على الذين ) : هو معطوف على الضعفاء ، فيدخل في خبر ليس ، وإن شئت عطفته على المحسنين ، فيكون المبتدأ من سبيل . ويجوز أن يكون المبتدأ محذوفا ؛ أي : ولا على الذين . . . إلى تمام الصلة حرج أو سبيل ، وجواب إذا : " تولوا " ، وفيه كلام قد ذكرناه عند قوله : ( كلما دخل عليها زكريا ) [ آل عمران : 37 ] .
( وأعينهم تفيض ) : الجملة في موضع الحال .
و ( من الدمع ) : مثل الذي في المائدة .
و ( حزنا ) : مفعول له ، أو مصدر في موضع الحال ، أو منصوب على المصدر بفعل دل عليه ما قبله .
[ ص: 487 ] ( ألا يجدوا ) : يتعلق بحزن ، وحرف الجر محذوف ، ويجوز أن يتعلق بتفيض .
قال تعالى : ( رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء ) ( 93 ) .
قوله تعالى : ( رضوا ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا ، وقد معه مرادة .
قال تعالى : ( لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا ) ( 94 ) .
قوله تعالى : ( قد نبأنا الله ) : هذا الفعل قد يتعدى إلى ثلاثة ، أولها " نا " والاثنان الآخران محذوفان تقديرهما : أخبارا من أخباركم مثبتة .
و ( من أخباركم ) : تنبيه على المحذوف ، وليست " من " زائدة ؛ إذ لو كانت زائدة ، لكانت مفعولا ثانيا ، والمفعول الثالث محذوف ، وهو خطأ ؛ لأن المفعول الثاني إذا ذكر في هذا الباب لزم ذكر الثالث . وقيل : " من " بمعنى عن .