النظر الثاني
فيما استثني من بيع الثمار وهو العرايا ، ويتجه النظر في معنى لفظها ، ووجه استثنائها ، وحقيقتها ، وقدرها ، ومحلها ، وكيفية بيعها ، وسبب الرخصة فيها ، فهذه سبعة أبحاث :
البحث الأول : في معنى لفظها :
nindex.php?page=treesubj&link=5438والعرايا جمع عرية ، وفيها سبعة أقوال ، قيل : من تعري النخلة من تمرها بالهبة ، وقيل : من عروت الرحل أعروه : إذا طلبت معروفه وهي معروف ، ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر )
[ ص: 196 ] وأصله : المكان المنكشف الفارغ ، لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فنبذناه بالعراء ) أي : بالمكان المنكشف الفارغ ، ومن منح ماله فقد فرغ ملكه منه ، قال
المازري : العرية النخلة يعرى ثمرها للمحتاج ، وقيل : لأنها تعرى من المساومة عند البيع ، وقيل من العارية ; لأن النخلة ترجع بعد الانتفاع بها ، ويرد عليه : أن أصل العارية عودته ، تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فصارت عارية ، من قولهم : عاورت فلانا أي : ناولته وناولني ، وفعلها : أعاره يعيره ، والفعل من عرية الثمار : أعراه يعريه فيمتنع أن يكونا من معنى واحد ، مع أنه قد قيل : العراية من العار ، قال صاحب ( الإكمال ) : العرية مشددة الياء ، وهي فعلية وفعيل ، وفعيلة تكون بمعنى فاعل وبمعنى مفعول كرحيم وعليم بمعنى راحم وعالم ، وقتيل ، وجريح بمعنى مجروح ، ومقتول ، فالعرية قيل : معناها من الطلب فتكون مفعولة أي : عطية ، وقيل : من عروت الرجل أي : أتيته ، فتكون مالية ; لأنها على هذا فاعلة لخروجها عن مال ربها وتعريه عنها ، فتكون فاعلة أي : خارجة ومعرية لربها أي : عريت من التحريم ، وقيل : معناها من الانفراد عريت النخلة إذا أفردتها بالبيع أو الهبة ، وقيل : الثمرة إذا رطبت ; لأن الناس يعرونها للالتقاط فتكون مفعولة .
تمهيد : في أسماء أنواع الإحسان في اللغة : العرية : هبة الثمار في النخل والأشجار ، والعارية تمليك المنافع والإفقار : إعارة الظهر من بعير أو غيره للركوب ، مأخوذ من فقار الظهر ، وهو عظام سلسلة الظهر ، والمنحة
[ ص: 197 ] والمنيحة : تمليك لبن الشاة مدة تكون عنده يحلبها ، والهبة : تمليك الأعيان طلبا للوداد ، والصدقة : تمليك الأعيان للثواب عند الله تعالى ، والسكنى : هبة منافع الدار مدة معينة ، وهو أحد العارية ، والعمرى : تمليك منافع الدار عمره ، والرقبى : تمليك منافع الدار إلى أقربهما موتا ، كأن كل واحد منهما يرتقب موت صاحبه ، والوصية : تمليك الأعيان أو المنافع بعد الموت ، والوقف والحبس : تمليك الموقوف عليه أن ينتفع بالأعيان ، لا تمليك المنافع ، وفرق بين تمليك المنفعة ، وبين ملك أن ينتفع ففي الأول : له نقل الملك في الانتفاع لغيره ، وفي الثاني : ليس له ذلك كالجلوس في المساجد للصلاة ، وفي الطرقات للمعاش ، وليس له بيع ذلك ولا تحجيره ، والنفح ، والعطاء والإحسان ، والتمليك ، والمعروف تعم هذه الأنواع الأحد عشر .
البحث الثاني : في وجه استثنائها ، قال صاحب ( التنبيهات ) : هي مستثناة من أربعة أصول محرمة : المزابنة ، والطعام بالطعام إلى أجل ، وغير معلوم التماثل ، والرجوع في الهبة .
البحث الثالث : في حقيقتها في المذهب ، وفي ( الجواهر ) : قال
القاضي أبو الوليد : هي هبة ثمرة نخلة أو نخلات من الحائط ، قال
القاضي أبو الوليد : هذا على مذهب
أشهب وابن حبيب دون
ابن القاسم ، بل معناها عند
ابن القاسم : أن يعريه الثمرة على أن المعرى ما يلزمها إلى بدو صلاحها ، ولفظ الهبة عنده لا يقتضي هذا ; لأنه يفرق بين
nindex.php?page=treesubj&link=5438_7209الهبة والعرية في السقي والزكاة فيجعلها على المعرى بخلاف الهبة ، وغيره يخالفه على ما يأتي إن شاء الله تعالى .
وفي ( الكتاب ) : تجوز
nindex.php?page=treesubj&link=5438عرية النخل والشجر قبل أن يكون فيها ثمر عاما ، ومدة العمر ، قال
اللخمي : يجوز في قليل الشجر وكثيره ما لم يكن الشجر لم يبلغ
[ ص: 198 ] الإطعام ; لأنه مكايسة ، لأنه يعجل ليعطى في المستقبل ، فإن نزل وفات بالعمل : فللعامل أجرة مثله في العمل حال صغرها وإثمارها ، والثمرة للمعطى إلا أن يعلم أنها تثمر تلك السنة فيجوز ، ويدخلان على أن الكلفة في السقي وغيره على المعطى .
البحث الرابع في قدرها : قال
اللخمي : يجوز في خمسة أوسق ، ويمتنع الأكثر ، واختلف في الخمسة ، لما في الصحاح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349389أرخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في nindex.php?page=treesubj&link=5439_4879بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق ، أو في خمسة أوسق . فورد الحديث بصيغة الشك من الراوي في الخمسة ، قال : والمنع أحسن ; لأنه الأصل فيها ، وفي ( الجواهر ) : المشهور إباحة الخمسة اعتبارا بنصاب الزكاة بجامع المعروف ، وبه نجيب عن اعتبار أحد الاحتمالين ، مع أن الراوي شك فيما رواه ، ونقول : قوله
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349390وأرخص في العرايا في الحديث الآخر عام إلا ما خصه الدليل ، وعن ( ش ) : قولان في الخمسة كقولي
مالك .
فرع
في ( الجواهر ) : إذا نقد المشتري أو البائع جاز في الزائد على الخمسة ، وإن اتحد الشق الآخر ، فإن اتحد أو تعددت الحوائط وقد أعراه من كل حائط
[ ص: 199 ] قدر العرية : قال
الشيخ أبو محمد : هي كالحائط الواحد نظرا لاتحاد المعرى فيمتنع في الزائد ، وقال
اللخمي : يجوز أن يشترى من كل واحد خمسة أو ست ; لأن كل حائط يختص بضرورته ، وقال
ابن الكاتب : إن كانت بلفظ واحد ، فكالحائط الواحد ، كبيع المتعددات بلفظ واحد ، فإن العقد والحكم واحد ، وإلا امتنع .
النَّظَرُ الثَّانِي
فِيمَا اسْتُثْنِيَ مِنْ بَيْعِ الثِّمَارِ وَهُوَ الْعَرَايَا ، وَيَتَّجِهُ النَّظَرُ فِي مَعْنَى لَفْظِهَا ، وَوَجْهِ اسْتِثْنَائِهَا ، وَحَقِيقَتِهَا ، وَقَدْرِهَا ، وَمَحَلِّهَا ، وَكَيْفِيَّةِ بَيْعِهَا ، وَسَبَبِ الرُّخْصَةِ فِيهَا ، فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَبْحَاثٍ :
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ : فِي مَعْنَى لَفْظِهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=5438وَالْعَرَايَا جَمْعُ عَرِيَّةٍ ، وَفِيهَا سَبْعَةُ أَقْوَالٍ ، قِيلَ : مِنْ تَعَرِّي النَّخْلَةِ مِنْ تَمْرِهَا بِالْهِبَةِ ، وَقِيلَ : مِنْ عَرَوْتُ الرَّحْلَ أَعْرُوهُ : إِذَا طَلَبْتَ مَعْرُوفَهُ وَهِيَ مَعْرُوفٌ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ )
[ ص: 196 ] وَأَصْلُهُ : الْمَكَانُ الْمُنْكَشِفُ الْفَارِغُ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ ) أَيْ : بِالْمَكَانِ الْمُنْكَشِفِ الْفَارِغِ ، وَمَنْ مَنَحَ مَالَهُ فَقَدْ فَرَغَ مِلْكُهُ مِنْهُ ، قَالَ
الْمَازِرِيُّ : الْعَرِيَّةُ النَّخْلَةُ يُعَرَّى ثَمَرُهَا لِلْمُحْتَاجِ ، وَقِيلَ : لِأَنَّهَا تُعَرَّى مِنَ الْمُسَاوَمَةِ عِنْدَ الْبَيْعِ ، وَقِيلَ مِنَ الْعَارِيَةِ ; لِأَنَّ النَّخْلَةَ تَرْجِعُ بَعْدَ الِانْتِفَاعِ بِهَا ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ : أَنَّ أَصْلَ الْعَارِيَةِ عَوْدَتُهُ ، تَحَرَّكَتِ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلِفًا فَصَارَتْ عَارِيَةً ، مِنْ قَوْلِهِمْ : عَاوَرْتُ فُلَانًا أَيْ : نَاوَلْتُهُ وَنَاوَلَنِي ، وَفِعْلُهَا : أَعَارَهُ يُعِيرُهُ ، وَالْفِعْلُ مِنْ عَرِيَّةِ الثِّمَارِ : أَعْرَاهُ يُعْرِيهِ فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَا مِنْ مَعْنًى وَاحِدٍ ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ : الْعِرَايَةُ مِنَ الْعَارِ ، قَالَ صَاحِبُ ( الْإِكْمَالِ ) : الْعَرِيَّةُ مُشَدَّدَةُ الْيَاءِ ، وَهِيَ فِعْلِيَّةٌ وَفَعِيلٌ ، وَفَعِيلَةٌ تَكُونُ بِمَعْنَى فَاعِلٍ وَبِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَرَحِيمٍ وَعَلِيمٍ بِمَعْنَى رَاحِمٍ وَعَالِمٍ ، وَقَتِيلٍ ، وَجَرِيحٍ بِمَعْنَى مَجْرُوحٍ ، وَمَقْتُولٍ ، فَالْعَرِيَّةُ قِيلَ : مَعْنَاهَا مِنَ الطَّلَبِ فَتَكُونُ مَفْعُولَةً أَيْ : عَطِيَّةٌ ، وَقِيلَ : مِنْ عَرَوْتُ الرَّجُلَ أَيْ : أَتَيْتُهُ ، فَتَكُونُ مَالِيَّةً ; لِأَنَّهَا عَلَى هَذَا فَاعِلَةً لِخُرُوجِهَا عَنْ مَالِ رَبِّهَا وَتَعَرِّيهِ عَنْهَا ، فَتَكُونُ فَاعِلَةً أَيْ : خَارِجَةً وَمُعَرِّيَةً لِرَبِّهَا أَيْ : عَرِيَتْ مِنَ التَّحْرِيمِ ، وَقِيلَ : مَعْنَاهَا مِنَ الِانْفِرَادِ عَرَّيْتُ النَّخْلَةَ إِذَا أَفْرَدَتَهَا بِالْبَيْعِ أَوِ الْهِبَةِ ، وَقِيلَ : الثَّمَرَةُ إِذَا رَطُبَتْ ; لِأَنَّ النَّاسَ يُعَرُّونَهَا لِلِالْتِقَاطِ فَتَكُونُ مَفْعُولَةً .
تَمْهِيدٌ : فِي أَسْمَاءِ أَنْوَاعِ الْإِحْسَانِ فِي اللُّغَةِ : الْعَرِيَّةُ : هِبَةُ الثِّمَارِ فِي النَّخْلِ وَالْأَشْجَارِ ، وَالْعَارِيَةُ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ وَالْإِفْقَارُ : إِعَارَةُ الظَّهْرِ مِنْ بَعِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ لِلرُّكُوبِ ، مَأْخُوذٌ مِنْ فَقَارِ الظَّهْرِ ، وَهُوَ عِظَامُ سِلْسِلَةِ الظَّهْرِ ، وَالْمِنْحَةُ
[ ص: 197 ] وَالْمَنِيحَةُ : تَمْلِيكُ لَبَنِ الشَّاةِ مُدَّةً تَكُونُ عِنْدَهُ يَحْلِبُهَا ، وَالْهِبَةُ : تَمْلِيكُ الْأَعْيَانِ طَلَبًا لِلْوِدَادِ ، وَالصَّدَقَةُ : تَمْلِيكُ الْأَعْيَانِ لِلثَّوَابِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالسُّكْنَى : هِبَةُ مَنَافِعِ الدَّارِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً ، وَهُوَ أَحَدُ الْعَارِيَةِ ، وَالْعُمْرَى : تَمْلِيكُ مَنَافِعِ الدَّارِ عُمْرَهُ ، وَالرُّقْبَى : تَمْلِيكُ مَنَافِعِ الدَّارِ إِلَى أَقْرَبِهِمَا مَوْتًا ، كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْتَقِبُ مَوْتَ صَاحِبِهِ ، وَالْوَصِيَّةُ : تَمْلِيكُ الْأَعْيَانِ أَوِ الْمَنَافِعِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَالْوَقْفُ وَالْحَبْسِ : تَمْلِيكُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْأَعْيَانِ ، لَا تَمْلِيكَ الْمَنَافِعِ ، وَفَرْقٌ بَيْنَ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ ، وَبَيْنَ مِلْكٍ أَنْ يَنْتَفِعَ فَفِي الْأَوَّلِ : لَهُ نَقْلُ الْمِلْكِ فِي الِانْتِفَاعِ لِغَيْرِهِ ، وَفِي الثَّانِي : لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَالْجُلُوسِ فِي الْمَسَاجِدِ لِلصَّلَاةِ ، وَفِي الطُّرُقَاتِ لِلْمَعَاشِ ، وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ ذَلِكَ وَلَا تَحْجِيرُهُ ، وَالنَّفْحُ ، وَالْعَطَاءُ وَالْإِحْسَانُ ، وَالتَّمْلِيكُ ، وَالْمَعْرُوفُ تَعُمُّ هَذِهِ الْأَنْوَاعُ الْأَحَدَ عَشَرَ .
الْبَحْثُ الثَّانِي : فِي وَجْهِ اسْتِثْنَائِهَا ، قَالَ صَاحِبُ ( التَّنْبِيهَاتِ ) : هِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ أَرْبَعَةِ أُصُولٍ مُحَرَّمَةٍ : الْمُزَابَنَةُ ، وَالطَّعَامُ بِالطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ ، وَغَيْرُ مَعْلُومٍ التَّمَاثُلُ ، وَالرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ .
الْبَحْثُ الثَّالِثُ : فِي حَقِيقَتِهَا فِي الْمَذْهَبِ ، وَفِي ( الْجَوَاهِرِ ) : قَالَ
الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ : هِيَ هِبَةُ ثَمَرَةِ نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلَاتٍ مِنَ الْحَائِطِ ، قَالَ
الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ : هَذَا عَلَى مَذْهَبِ
أَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ دُونَ
ابْنِ الْقَاسِمِ ، بَلْ مَعْنَاهَا عِنْدَ
ابْنِ الْقَاسِمِ : أَنْ يُعْرِيَهُ الثَّمَرَةَ عَلَى أَنَّ الْمُعْرَى مَا يَلْزَمُهَا إِلَى بُدُوِّ صَلَاحِهَا ، وَلَفْظُ الْهِبَةِ عِنْدَهُ لَا يَقْتَضِي هَذَا ; لِأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ
nindex.php?page=treesubj&link=5438_7209الْهِبَةِ وَالْعَرِيَّةِ فِي السَّقْيِ وَالزَّكَاةِ فَيَجْعَلُهَا عَلَى الْمُعْرَى بِخِلَافِ الْهِبَةِ ، وَغَيْرُهُ يُخَالِفُهُ عَلَى مَا يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَفِي ( الْكِتَابِ ) : تَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=5438عَرِيَّةُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا ثَمَرٌ عَامًّا ، وَمُدَّةُ الْعُمْرِ ، قَالَ
اللَّخْمِيُّ : يَجُوزُ فِي قَلِيلِ الشَّجَرِ وَكَثِيرِهِ مَا لَمْ يَكُنِ الشَّجَرُ لَمْ يَبْلُغِ
[ ص: 198 ] الْإِطْعَامَ ; لِأَنَّهُ مُكَايَسَةٌ ، لِأَنَّهُ يُعَجَّلُ لِيُعْطَى فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، فَإِنْ نَزَلَ وَفَاتَ بِالْعَمَلِ : فَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الْعَمَلِ حَالَ صِغَرِهَا وَإِثْمَارِهَا ، وَالثَّمَرَةُ لِلْمُعْطَى إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا تُثْمِرُ تِلْكَ السَّنَةِ فَيَجُوزُ ، وَيَدْخُلَانِ عَلَى أَنَّ الْكُلْفَةَ فِي السَّقْيِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْمُعْطَى .
الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي قَدْرِهَا : قَالَ
اللَّخْمِيُّ : يَجُوزُ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ ، وَيَمْتَنِعُ الْأَكْثَرُ ، وَاخْتُلِفَ فِي الْخَمْسَةِ ، لِمَا فِي الصِّحَاحِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349389أَرْخَصَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي nindex.php?page=treesubj&link=5439_4879بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ ، أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ . فَوَرَدَ الْحَدِيثُ بِصِيغَةِ الشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي فِي الْخَمْسَةِ ، قَالَ : وَالْمَنْعُ أَحْسَنُ ; لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهَا ، وَفِي ( الْجَوَاهِرِ ) : الْمَشْهُورُ إِبَاحَةُ الْخَمْسَةِ اعْتِبَارًا بِنِصَابِ الزَّكَاةِ بِجَامِعِ الْمَعْرُوفِ ، وَبِهِ نُجِيبُ عَنِ اعْتِبَارِ أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ ، مَعَ أَنَّ الرَّاوِيَ شَكَّ فِيمَا رَوَاهُ ، وَنَقُولُ : قَوْلُهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349390وَأَرْخَصَ فِي الْعَرَايَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ عَامٌّ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ ، وَعَنْ ( ش ) : قَوْلَانِ فِي الْخَمْسَةِ كَقَوْلَيْ
مَالِكٍ .
فَرْعٌ
فِي ( الْجَوَاهِرِ ) : إِذَا نَقَدَ الْمُشْتَرِي أَوِ الْبَائِعُ جَازَ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْخَمْسَةِ ، وَإِنِ اتَّحَدَ الشِّقُّ الْآخَرُ ، فَإِنِ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَتِ الْحَوَائِطُ وَقَدْ أَعْرَاهُ مِنْ كُلِّ حَائِطٍ
[ ص: 199 ] قَدْرَ الْعَرِيَّةِ : قَالَ
الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ : هِيَ كَالْحَائِطِ الْوَاحِدِ نَظَرًا لِاتِّحَادِ الْمُعْرَى فَيَمْتَنِعُ فِي الزَّائِدِ ، وَقَالَ
اللَّخْمِيُّ : يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَى مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةٌ أَوْ سِتٌّ ; لِأَنَّ كُلَّ حَائِطٍ يَخْتَصُّ بِضَرُورَتِهِ ، وَقَالَ
ابْنُ الْكَاتِبِ : إِنْ كَانَتْ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ ، فَكَالْحَائِطِ الْوَاحِدِ ، كَبَيْعِ الْمُتَعَدِّدَاتِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ ، فَإِنَّ الْعَقْدَ وَالْحُكْمَ وَاحِدٌ ، وَإِلَّا امْتَنَعَ .