الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا قلت : دفعت الكراء وقد بلغت الغاية صدق ، وإن كانت الحمولة بيده أو أسلمها بقرب اليومين ; لأن القرب يشعر بعدم القبض عادة ، فإن بعد صدقت مع يمينك ، وكذلك الصناع في رد المتاع ودعوى الأجرة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا اكترى من مصر إلى مكة ، فاختلفا في الكراء بمكة ; صدق المكتري إذا أشبه قوله في كراء مضمون أو معين .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في النوادر : إذا ادعيت أن الأجير مرض شهرا من السنة أو أبعد أو غاب وهو عبدك . . . . أو صدقت ; لأنك ائتمنت حيث سلما إليك ، وإلا صدق السيد ; لأن الأصل : عدم الإخلال بالعقد ، ويصدق الحر مطلقا . قال ابن القاسم : والحر والعبد إن كانا يأويان إليك ، وإلا صدقت ، فسوى بين الحر والعبد .

                                                                                                                قال ابن يونس : إذا ماتت الدابة في بعض الطريق ، فقلت : اكتريت مضمونا ، وقال : معينا ، صدق لأنك مدعي الزيادة .

                                                                                                                [ ص: 448 ] فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا قال : وصلت الكتاب المستأجر على إيصاله صدق في أمد مثله ; لأنك ائتمنته وعليك الكراء ، وقال غيره : عليه البينة ; لأن الأصل : عدم الإصال .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا ثبت أن قميصه كان ملحفة لك لم يأخذه إلا بقيمة الخياطة ، وإلا قضى بما تقدم في السرقة ; لأن الأصل أن لا يذهب العمل مجانا ، وكذلك يتيم باع ملحفة وتداولتها الأملاك فصبغها أحدهم : يترادون الربح بينهم لفساد أصل العقد ، ولا شيء على اليتيم من الثمن إلا أن يكون قائما بيده ; لأن المشتري سلطه ، واليتيم والذي صبغ شريكان بقيمة الصبغ وقيمة الملحفة بيضاء صونا للحالين .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : قلع الضرس ، فقلت : أمرتك بغيره ، فلا شيء عليه ; لأنك علمت بقلعه وله الأجرة لتقريرك عمله عند المباشرة ، فإن صدقك فلا أجرة لعدم الإذن ، وقال غيره : هو مدع ; لأن الأصل عدم الاستحقاق ، قال اللخمي : موضع الخلاف إذا كانا معتلين حتى يكون كل واحد منهما أتى بما يشبه ، فإن كانت الباقية سالمة صدق الحجام لإتيانه بما يشبه ، أو المقلوعة سالمة والباقية معتلة ، صدقت وحلفت لإمكان غلطك فيها لمشاركتهما في الألم ، وتستحق دواء ضرسك ، ويقلع الأخرى إلا أن يكون في الباقية دليل الفساد لسوادها وصفاء الأخرى ، فلا يمين عليك ، قال ابن يونس : قوله : لا تكون له أجرة بريد : وعليه عقل الخطأ ، والقصاص في العمد ، قال سحنون : كلاهما مدع على صاحبه ، يتحالفان ، وللحجام أجرة مثله ما لم يتجاوز التسمية ، [ ص: 449 ] وتحالفهما إذا كانت التسمية ( فيمين الحجام تزيل الضمان وتوجب من الآخر وتدفع الزائد على أجرة المثل إن كانت التسمية ) كراء المثل أو أقل لا يحلف إلا أن ينكر الحجام فتحلف ليسقط عنه الأجر ، قال صاحب النكت : قيل : إذا تحالفا برئ الحجام ; لأنه بائع منافعه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال في الكتاب : أمرتني بلت سويقك بعشرة دراهم ، وأنكرت أمرك له بذلك . لك غرم ما قال ، وأخذه ملتوتا لإقراره ، ولك تغريمه مثل سويقك غير ملتوت ، أو تسلمه بغير شيء ; لأن الأصل : عدم الإذن ، وإلا كنتما شريكين في الطعام ، وقال غيره : إذا امتنعت أن تعطيه ما لته به قضي عليه بمثل سويقك غير ملتوت ، لاعترافه بملكية السويق لك ، فإن قال : أمرتني بعشرة ، وفعلت بخمسة وبها لتت ، صدق مع يمينه إن أشبه أن يكون فيه سمن بعشرة ; لاعترافك بالإذن وادعائك الضمان عليه ، وكذلك الصباغ في العصفر ، فإن أتى بما لا يشبه : صدق رب الثوب ، وإن أتيتما بما لا يشبه فله أجر مثله وللات مثله ، ولو قلت : كان لي في السويق لتات متقدم ، وفي الثوب صباغ متقدم ; لأنه أمين ، وهذا إذا أسلم إليه السويق أو الثوب ، فأما إن لم يغب عليه صدقت لأنك لم تأتمنه ، فهو كالبائع يدعي زيادة الثمن ، فإن قال أهل النظر : فيه سمن أو عصفر بعشرة ، ولم تدع تقدم سمن في السويق ولا عصفر في الثوب صدق ، وإن ادعيت تقدم ذلك صدقت لأنك لم تأتمنه ، قال صاحب النكت : ولو قلت : أودعته لك ، وقال : أمرتني بلتاته ، صدق عند ابن القاسم ; لأنه مدعى [ ص: 450 ] عليه يغرم مثل السويق ، ويصدق في الأجر إن أتى بما يشبه ، وإلا حلفتما وغرمت قيمة اللتات فتحلف لتسقط الأجر عنك ، ويحلف ليسقط التعدي ، وعلى قول الغير : إن الصانع مدع ، يريد : في الأجر ، وتحلف أنت إن كانت القيمة أقل ، وتغرم القيمة ، وليس لك تضمينه لإقرارك بإيداعه ، قال ابن يونس : قال أبو محمد : يحسن أن يكون معنى قول ابن القاسم : إنه لم يقر بدفعه إيداعا ولا بصبغه ، ففارق الصانع الذي أقر بإيداعه فيصدق الصانع ; لأن الغالب الاستصناع ، فينبغي على هذا أن يخير بين دفع الأجرة وأخذ السويق ، ويحلف أنه لم يستعمله ، فإن حلف خير الأجير بين دفع مثل السويق أو إسلامه ملتوتا .

                                                                                                                قال ابن يونس : على تأويل أبي محمد ، يكون قول الغير وفاقا ; لأنه لا بد من يمينك ، ويقضى لك بمثل سويقك ، فإن دفع إليك ملتوتا لم تجبر على أخذه إلا أن تشاء ، قال محمد : وهذا غلط ، بل اللات مصدق ، ويحلف إن كان أسلم إليه السويق ، فإن نكل حلف ربه وأخذ مثل سويقه ، وليس له أخذه بعينه إلا بدفع ثمن السمن أو يرضى الآخر ، وهذا أيضا على تأويل أبي محمد لا يخالفه ابن القاسم لاشتراط محمد إسلامه إليه فيصير القولان واحدا ، قال اللخمي : محمل مسألة الكتاب : على أن رب السويق قال : سرق مني ، فجعل ابن القاسم الاختلاف شبهة تنفي التعدي ، وجعله غيره متعديا ، قال : وأرى إن أخذه ، ودفع الأجرة أن يباع ويشترى بثمنه مثل سويقه ، فإن بقي مثل الأجرة أو أقل أمسكه ، أو أكثر وقف الفاضل للأجير ، ولا يجوز الإمساك فيكون على قوله سلم سويقا غير ملتوت ودراهم وهي الأجرة بسويق ملتوت ، فيكون ربا ، وكذلك ولو حلف صاحبه ونكل اللات ، [ ص: 451 ] يباع ويشتري من ثمنه سويقا ، فإن فضل مثل الأجرة كان له ، أو أكثر وقف الزائد إلا أن يقال : السمن صنعة كالإبزار في اللحم والزيت في الإسفنجة فلا يتعين البيع .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية