الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : صدع الدار إن خيف منه سقوط ردت به ، وإلا فلا ، قال اللخمي : قال محمد : إذا لم يرد رجع بقيمة العيب ، وكذلك كل عيب ; لأن العيب في معنى جزء من المبيع يقر عند البائع ، قال : وأرى إن كان الصدع في حائط واحد لا يرد ، وإن خشي السقوط ; لأن استحقاق حائط واحد لا يوجب الرد فأولى العيب ، وإن كان ذلك الحائط يلي دار البائع ، وإن رد إليه انتفع به رده وحط من الثمن بقدره ، قال صاحب التنبيهات : وعن مالك الدار وغيرها سواء لا ترد بالعيب اليسير لاغتفار الناس ذلك غالبا ، وعنه ترد الدور وغيرها من مطلق العيب ; لأن الأصل استيفاء أجر المبيع وصفاته ، وقال المخزومي : إن نقص العيب ثلث القيمة رد ، وإلا فلا وترد الدار بغور البئر وملوحة مائها في البلاد العذبة الماء ، وكذلك كل ما شمل الدار ضرره بالاتفاق وبفساد مظاهرها وضعف أساسها وحيطانها ، وأصل هذا الباب : ما حط من الثمن كثيرا ، واختلف فيه فقال ابن أبي زيد : بعظم [ ص: 56 ] الثمن ، وقال أبو بكر بن عبد الرحمن : الثلث كثير ، وقال ابن عتاب : الربع كثير وهو نحو قول المخزومي ، وقيل : لا حد إلا وجود الضرر ، وقال ابن العطار : مثقالان قليل وعشرة كثيرة ، وقال ابن رشيد : عشرة من مائة كثير ، قال صاحب النكت : عيوب الدار ثلاثة أقسام : عيب لا ترد الدار منه ، ولا يرجع على البائع من أجله ليسارته ، وعيب لا ترد منه ، ويرجع بقيمته كصدع في حائط ونحوه ، وعيب يرد منه ما يخشى منه سقوط الدار وسقوط الحائط من أجل الصدع الذي فيه والدور تفارق السلع . فإن استحقاق جدار منها لا يوجب ردها ، وكذلك استحقاق حمل الجذوع ، ولا يرجع المشتري بشيء ليسارته في الدور إلا أن يشترط على البائع أربع جدرات فإن غالب الدور لا تبرأ عنه ، وإذا استحق منها الأقل لزم الباقي بحصته .

                                                                                                                ووجب الرجوع بقيمة العيب فيها ; لأن الغالب شراؤها للقيمة دون التنمية وغيرها يشترى للتجارة ، ولذلك لا تفتيها حوالة الأسواق في البيع الفاسد ، قال ابن مزين : ولأنها ليست لها سوق تباع فيه فيعسر على البائع بيعها على تقدير الرد ، وعلى المشتري شراؤها فاغتفر اليسير ، وقد قال مالك : يرد الثوب بالعيب الخفيف بخلاف الرقيق .

                                                                                                                السبب الثاني : القضاء العرفي : لأن العرف والعادة سلامة الأشياء من العيوب الطارئة والنادرة فوجودها يوجب الرد ، وفي الجواهر : المثبت الخيار منه ما أثبت نقصا في المبيع كالخصاء فإنه قد يزيد في الثمن ، أو في التصرف كالأعسر ، أو خوفا في العاقبة كمن كان أبوه أو جده مجذوما فإنه يخشى ذلك في الذرية ، ثم ذلك يكون نقصان وصف الجنس وبزيادة كالسرقة ، ونقصان عين كالخصاء ، ولا نقصانه بزيادة الرغبة فيه من وجه آخر ، ومدرك [ ص: 57 ] اعتبار هذا السبب قوله تعالى : ( أوفوا بالعقود ) وحديث المصراة ، وسيأتي إن شاء الله ، والإجماع منعقد عليه من حيث الجملة ، وضابط حدوث العيب أن كل حادثة يكون فيها ضمان المبيع باقيا من البائع فحدوث العيب فيها يوجب الخيار للمبتاع ، وكل حالة انتقل الضمان فيها للمبتاع فحدوثه حينئذ لا يوجب له خيارا ، وقد تقدمت بعض فروعه في السبب الأول ، ونذكر منها هاهنا نبذا .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية