الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                تمهيد : قال : العروض ثلاثة أقسام : ما اتفق على تباينها ، وما اتفق على اتحادها ، ومختلف فيها ، فالحيوان ناطق وغير ناطق ، وغير ناطق غير مأكول كالبغال فيختلف بالصغير والكثير اتفاقا ، والمأكول ثلاثة أقسام : ما له قوة على الحمل والعمل كالإبل والبقر فيختلف فيها اتفاقا ، وما لا قوة له عليهما كالطير المتخذ للأكل فلا يختلف بهما اتفاقا ; لأن مقصود الجميع اللحم ، الثالث : ما لا يعمل ولا يحمل ، لكن منفعته اللبن والنسل كالغنم فقولان ، ولا يختلف في الذكورة والأنوثة شيء من الحيوان الغير ناطق ، إلا أن يختلف بهما المنافع ، ومن أسلم صغيرا في كبير لأمد يكبر فيه الصغير امتنع للمزابنة ، وإلا جاز أو كبيرا في صغير لأمد ملك فيه الكبير الصغير ، امتنع للمزابنة وهي بيع المعلوم بالمجهول من جنسه وإلا جاز ، وهذا مأمون في [ ص: 233 ] البغال ، قال سند : اختلف في الصغير والكبير هل هما جنسان في جملة الحيوان أم لا ؟ قال الباجي : والأول القياس لاختلاف المنفعة ، وإذا فرغنا عليه وأسلم صغيرا في كبير وتراخى الأمر حتى كبر الصغير وصار صفة الكبير فالقياس ألا يدفعه مكان الكبير سدا لباب المزابنة ، والقياس أيضا الدفع بصحة العقد أولا واقتضاءه لذلك ، كمن وطئ جارية ثم ردها بالعيب فإن وطأه حلال ، فلا يمتنع ردها .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : يمتنع سلم حديد يخرج منه السيوف في سيوف ; لأنه إن كان أقل فهو سلف بزيادة ، أو أكثر استأجره بالزائد على عمل السيوف ، فهو سلف وإجارة ، وكذلك سيوف يخرج منها حديد لاتحاد النوع ، ويمتنع حديد السيوف في الحديد الذي لا يخرج منه سيوف ، والثاني : الغليظ في الرقيق لاتحاد النوع فيتوقع السلف للنفع ، ويمتنع الكتان في ثوب الكتان ، بخلاف ثوب كتان في كتان ; لأن الثوب لا يخرج منه كتان فانحسمت مادة السلف ، ويمتنع سيف في سيفين دونه لتقارب المنافع ، إلا أن يبعد ما بينهما في الجوهر ، قال سند : أجاز يحيى سيوفا في حديد كالثوب في الكتان ، والفرق أن صنعة السيوف قريبة يقرب ردها حديدا ، لأن الكلام في أدنى السيوف بل ربما تقطع وتباع بالوزن كالحديد فكأنه أخذها بشرط إن نقصت زاد ، قال التونسي : ولعل مراده بالكتان الغليظ الذي منه الرقيق ، وإلا فيجوز لاختلاف النوع إذا لم يصلح من أحدهما ما يصلح من الآخر ، وكذلك الكتان إنما امتنع إذا كان الأجل يتأتى فيه ثوب ، وإلا فيجوز ، وكذلك إذا كان ذلك الثوب لا يخرج منه ذلك الكتان ، ومنع محمد الكتان المغزول في المنقوش وبالعكس ليسارة صنعة [ ص: 234 ] الغزل ، والتمكن من نقضه ، قال : والصواب الجواز وإن سهل ذلك في الصوف والقطن فينقش ويندف ، ومنع سحنون السيف العالي في الدنيء ; لاتحاد جنس الحديد ، قال ابن يونس : قال محمد : إذا صنع من الحديد سكاكين وسيوفا وأغمدة صارت أجناسا لاختلاف المنافع .

                                                                                                                تمهيد : قال أبو الطاهر : مهما قدم المصنوع في غير المصنوع إلى أجل يخرج منه المصنوع امتنع ، وإلا جاء .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية