الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : يمتنع الصلح في جناية العمد على ثمرة لم يبد صلاحها ; لأنه غرر فلا يجعل عوضا للدماء مع شرفها ، فإن وقع ارتفع القصاص وقضي بالدية كالنكاح إذا فات بالبناء يقضى بصداق المثل ، وقال غيره : يمضى إذا وقع لقوة شبهه بالخلع ; لأن كليهما فداء وتخليص من الضرر .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                تجوز المصالحة على دم العبد والخلع على عبد ، فإن وجد عيبا يرد به في البيع ، رده ، ورجع بقيمة العبد إذ ليس للدماء والأبضاع قيمة يرجع بها .

                                                                                                                [ ص: 342 ] فرع

                                                                                                                في الكتاب : لغرماء جاني العبد رد مصالحته إذا أحاط الدين بماله ; لاستحقاقهم إياه بالدين .

                                                                                                                سؤال : ضرورات الجسد مقدمة على الغرماء في القوت والكسوة ، وهاهنا قدمت الغرماء على بقاء الجسد .

                                                                                                                جوابه : إنه هاهنا ظالم بالجناية فلا يضر الغرماء بظلمه ، وثم معذور فقدم البدن على مال الغير كالضرر بالمجاعة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : تمتنع المصالحة على أرطال لحم من شاة حية ; لأنها مجهولة قبل السلخ ، قال أشهب : أكرهه ، فإن ( حبسها وعرفها ) وشرع في الذبح ، جاز .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : تجوز المصالحة بشقص دار على موضحتين عمدا وخطأ ، وفيه الشفعة بدية الخطأ وبنصف قيمة الشقص ( لأن العمد لا مالية فيه ) . وقال المخزومي : إن كان دية الخطأ - وهي خمسون دينارا - ثلث مجموع الخمسين ، وقيمة الشقص فليشفع بالخمسين وبثلث قيمة الشقص ، وهكذا الجواب فيما قل من الأجزاء . قال صاحب التنبيهات : قيل في تأويل ابن [ ص: 343 ] القاسم في قسمة الشقص عليهما : أن نصف الشقص للخطأ ، ونصفه للعمد ، كيف كان الجرح أو الجناية ، اتفقا أو اختلفا ، وقاله ابن عبد الحكم ، وقيل : بل يعتبر المجروحون ، وإنما يكون نصفين إذا استويا كالموضحتين أو قطع يدين ، ويقسم في اليد والنفس مثلا على قدر دياتهما ، وعليه أكثر القرويين ، قال عبد الحق : قيل على قول ابن القاسم في موضحتي العمد والخطأ : لا تكون موضحة العمد نصف الشقص ، بل يأخذ بخمسين وبثلثي قيمة الشقص ، وقيل : إن المجهول كله يجعل له نصف الشقص ، كان موضحة عمدا أو أكثر ، قال ابن يونس عن ابن نافع : يأخذ بقيمة الشقص إلا أن يكون أقل من خمسين دية الخطأ فلا ينقص لأنها محققة للمشتري ، فإن كانت قيمته أزيد فالزائد للعمد المجهول ، ومستند المخزومي : أن الصلح لو وقع على موضحة العمد فقط كان الأخذ بقيمة الشقص ، فصارت قيمة الشقص كأنها دية موضحة عمد ، ولو دفعه في موضحة خطأ كانت الشفعة بخمسين : فلما دفعه عنهما اعتبر المجموع ، كمن أوصى بمعلوم ومجهول يتخاصان في الثلث المعلوم بقدره وللمجهول بالثلث ، قال يحيى ابن عمر : على أصل ابن القاسم لو صالحه بعشرة دنانير والشقص عنها بالعشرة من الخطأ يبقى منها أربعون فيأخذه بأربعين وبخمسة أرباع قيمة الشقص ، وإن صالح منها على شقص وعرض قسمت عليهما ، قال أبو محمد : لو قيل : يجري قول ابن القاسم أن يقسم الجميع عليهما فيكون لكل موضحة نصف الشقص وخمسة دنانير فيأخذ نصفه بخمسة وأربعين بقيمة دية الخطأ ، ونصف الآخر بنصف قيمة الشقص عن العمد ; لأنه أخذ من العمد خمسة ونصف [ ص: 344 ] الشقص ، وقيمته مجهولة ، فيأخذ هذا النصف الآخر بنصف قيمة الشقص ، كان صوابا وعلى قول يحيى : لو دفع مع الشقص خمسين كان قد استوفى موضحة الخطأ ، وتعين الشقص للعمد فيأخذه بقيمته ، أو أكثر من خمسين أخذه بقيمته أيضا ; لأن الزائد للعمد ، فإن صالح عليهما بشقص وعبد قيمتهما سواء ، فالعبد موزع عليها بنصف دية الخطأ وبنصف قيمة الشقص ; لأنه دفع الشقص على ثلاثة أرباع دية الخطأ ، وثلاثة أرباع دية العمد . ولو كان المجروح دافع العبد وهما خطأ أخذ الشقص بديتهما ، وقيمة العبد ، أو عمدا اجتهد في ذلك ، فإن كان العبد ثلث ذلك أخذ بقيمة العبد وثلثي قيمة الشقص ، وعلى هذا إن كان أقل أو أكثر ، وعلى قول المخزومي : تحمل قيمة العبد على قيمة الشقص ، فإن كانت قيمة العبد من الجميع الثلث أخذ بقيمة العبد وبثلثي قيمة الشقص ، ثم يعمل على هذا . وعلى ابن نافع : يأخذ بقيمة الشقص ما لم تنقص عن قيمة العبد ، وإن كانت إحداهما عمدا ، والأخرى خطأ : فعلى قول المخزومي : عمل دية الخطأ وقيمة الشقص ، ويعمل على ما تقدم ، وعلى قول ابن نافع : يأخذ بقيمة الشقص ما لم ينقص عن خمسي دية الخطأ وعن قيمة العبد .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية