الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : للصناع منع ما عملوا حتى يقبضوا أجرهم كالبائع في البيع ; لأنهم بائعون لمنافعهم ، وهم أحق به في الموت والفلس ، وكذلك حامل المتاع أو الطعام على رأسه أو دابته أو سفينته ; لأن المنفعة المستأجرة عليها إنما تحصل بتسليم العين ، فكأنها سلعتهم بأيديهم ، وهو مورد الحديث في الفلس .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا استأجرته على بناء حائط وصفته له فبنى نصفه ثم انهدم ، فله بحساب ما بنى ; لأنك قبضته ، وليس عليه إعادة العمل لمزيد الضرر [ ص: 441 ] عليه ، كان الأجر من عندك أو من عنده . قال غيره : لهذا في عمل رجل بعينه ، وعليه في المضمون تمام العمل توفية بالعقد ، وحفر البئر كبناء الحائط إلا أن يكون جعالة فلا شيء له إذا انهدت قبل إسلامها إليك ، وإسلامها إليك فراغه من الحفر والبناء ، قال مالك : والأجير على حفر البئر إذا انهدم قبل فراغه لا شيء له ، أو بعد فراغه فله الأجرة ، قال ابن القاسم : وذلك فيما يملك من الأرضين ، قال صاحب التنبيهات : إن استأجره على بناء حائط فبنى نصفه ثم انهد ، وقال الغير : ذلك في رجل بعينه ، قيل : وفاق ، وقيل : خلاف ، قال : وأرى أن قول الغير راجع إلى اشتراط الآجر والطين ، أجازه مالك وابن القاسم ( وقال الغير ) : إذا كان على وجه الضمان لم يشترط رجلا بعينه جاز إذا قدم نقده . فجعله الغير كالسلم يلزم فيها شروطه ، وإن لم يذكر فيها ضرب الأجل ; لأن المقبوض تبع ما لم يقبض ، وابن القاسم : كان الرجل معينا أم لا ، واعتمد في تقدير العمل والبيع من الأجر على العادة ، ومنع عبد الملك المسألة للجهالة ، ووقع في الأسدية : إن تشاحا بنى ما بقي من العمل . فما يشبه جميع الأجرة إلا أن يكون ذلك الذي سقط شق البناء فعليه الإعادة ، وأصل حفر البئر وغيره : أن الجعالة تمنع فيه إلا فيما يملك ، ولا تجوز في المملوك إلا الإجارة ، قال ابن يونس : قال محمد : لا يجوز فيما لا يملك إلا الإجارة ; لأن المجاعل له الترك متى شاء فلا يترك له شيئا ينتفع به ، فلو بنى البعض وحفر وترك وعامل المجاعل غيره فأتم كان للأول بقدر ما انتفع به الآخر بالاجتهاد ، قاله ابن القاسم ، وقد يصادف الأول أرضا رخوة أو صلبة ، وعن ابن القاسم : يعطى الثاني جعله كاملا ، وعلى المجاعل قيمة ما انتفع به كان أقل من جعله أو أكثر ، قال اللخمي : يجوز في حفر البئر ثلاثة أوجه : الإجارة والجعالة والمقاطعة ، وتلزم إلا الجعالة ، وتجوز الجعالة فيما لا يملك ، واختلف في جوازها فيما يملك في الحراسة ، والحفر مثله .

                                                                                                                [ ص: 442 ] فرع

                                                                                                                قال صاحب النكت : أجيران على حفر بئر مرض أحدهما بعد حفر بعضها ، قيل : يلزم صاحبه الإتمام ، والأجرة بينهما ، ويرجع على المريض بحصته من الكل ، إلا أن يكون يسيرا إن كان شريكين في هذه الصناعة وإلا فإن شرطا عمل أيديهما ، أو أن يكون العمل مضمونا على كل واحد منهما ، فالمكمل متبرع عن المريض ، قال اللخمي : إذا حفر الصحيح له نصف الأجرة ، والنصف الآخر للمريض ، قاله ابن القاسم ، يريد : أن الإجارة كانت على الذمة ; لأن الصحيح متطوع ، وقال سحنون : النصف الآخر لصاحب البئر ، فإن حفر بعد طول المرض رجع على صاحبه بالأقل من أجرة مثله أو أجرة غيره ممن كان يعمل معه ، ( لأن أجرة الصحيح إذا كانت أكثر : يقول المريض : كان لي أن أبني لمن يعمل ) دون صنعتك لأنه بدل مني ، ولا مقال لرب الأرض عليها قرب المرض أو طال ; لأنه عمل مضمون ، وإن كانت الإجارة على أعيانها لم يستحق المريض على صاحب البئر عن حفر صاحبه أجرة حفر في أول المرض أو آخره ، ولا شيء له على الصحيح عند سحنون ; لأنه استأجره على كمال البئر . وقال أصبغ : لأنه قام عنه بعمل يستأجر عليه ، ثم المريض إن كان يمكنه إخلاف موضع آخر يحفر له مثله أخلفه ; لأن المستأجر له لا يتعين ، وإلا انفسخت الإجارة في حقه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا حفر قبرا شقا فقلت له : أردته لحدا حملتهما على العادة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : قلت : عملته بغير أجر ، وقال : بأجر ، صدق فيما يشبه [ ص: 443 ] من الأجر ، وإلا رد إلى أجر مثله ; لأن الأصل : عدم التبرع ، وقال غيره : يحلف ويأخذ الأقل مما ادعى أو أجرة مثله مؤاخذة له بإقراره ، وقال ( ح ) : تصدق أنت ; لأنه ادعى عليك الدين إلا أن يعمل ذلك من عنده ، قال صاحب النكت : إذا ادعى الصانع ما لا يشبه ، حلفت لتسقط الزائد على أجرة المثل ، وقول الغير في أخذ الأقل ، يريد : وتحلف أنت أيضا إن كانت التسمية أكثر من أجرة المثل لتسقط الزائد ، وإن ادعى أجرة المثل فأقل حلف وحده ، قال اللخمي : إن كان المسمى أقل حلف الصانع ( وحده واستحق المسمى ، أو أجرة المثل أقل حلف الصانع ) : أنه لم يعمل باطلا ، وحلفت : ما استأجرته بتلك التسمية ، وغرمت أجرة المثل إن كان يشبه : أن العمل باطل وإلا أخذ المسمى إن كان أقل بغير يمين ; إذ لا بد منه ، وإن كانت إجارة المثل أقل : حلفت وحدك ودفعت أجرة المثل ، فإن نكلت حلف وحده وأخذ التسمية ، وذلك إذا اختلفتما بعد للتسليم فإن لم يسلمه حلف الصانع وحده على التسمية وأخذها ، قولا واحدا إذا أتى بما يشبه ; لأنك لو قلت : استأجرتك بثمانية ، وقال : بعشرة ; صدق إن كان الثوب في يده ، فإذا قلت باطلا فهو أبين .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية