الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ولو قال : أنت طالق ثلاثا للسنة فهي مسطور المسألة فتقع الثلاث معا في زمان السنة ولا يتفرقن في ثلاثة أطهار : لأن السنة والبدعة عندنا في زمان الطلاق لا في عدده .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة ومالك بتفرق الثلاث في ثلاثة أطهار ، ولا يقعن في طهر واحد ، لأن السنة والبدعة عندهما في الطلاق وفي عدده وقد مضى الكلام معهما .

                                                                                                                                            فعلى هذا لو قال : أردت أن يتفرقن في ثلاثة أطهار فيقع في كل طهر واحدة لقول أبي حنيفة ومالك ، فهذا محتمل وهو مخالف للظاهر ، فلا يقبل منه في ظاهر الحكم ويقبل منه فيما بينه وبين الله تعالى ، فيدين فيه فلا يقع في باطن الحكم إلا على ما نوى ، وإن وقع في ظاهر الحكم معجلا ، وهكذا لو قال لها : أنت طالق ثلاثا ثم قال : أردت للسنة ، فإن كانت الحال وقتا لطلاق السنة طلقت في الحال ثلاثا للسنة . في ظاهر الحكم وباطنه ، وإن كانت الحال وقتا لطلاق البدعة . فقد ذكر محتملا يخالف ظاهر الإطلاق ، فيقع الطلاق معجلا في ظاهر الحكم اعتبارا بظاهر الطلاق ، ولا يقع في باطن الحكم وفيما بينه وبين الله تعالى إلا على ما نوى من طلاق السنة إذا جاء زمان السنة ، ولو قال : أنت طالق ثلاثا للسنة ثم قال سبق لساني بقول السنة وإنما أردت طلاق الثلاث على الإطلاق قبل منه ووقع الطلاق الثلاث سواء كان للسنة أو للبدعة ، لأنه وإن خالف ظاهر لفظه فهو أغلظ عليه وأضر به . ومن يبين الأخف بالأغلظ قبل منه ظاهرا وباطنا ، ومن بين الأغلظ بالأخف لم يقبل منه في الظاهر . وإن قبل منه في الباطن إذا كان محتملا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية