الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو قال أنت طالق إذا قدم فلان للسنة فقدم فلان فهي طالق للسنة " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : لأنه علق طلاقها بشرط وصفة ، فالشرط قدوم زيد والصفة أن يكون طلاق السنة فوجب أن تعتبر الصفة بعد وجود الشرط فلا طلاق قبل قدوم زيد ، فإذا قدم فقد وجد الشرط فوجب مراعاة الصفة فإن كانت عند قدوم زيد في طهر لم تجامع فيه ، طلقت حال قدومه لوجود الشرط والصفة معا ، وإن كانت حائضا أو في طهر قد جومعت فيه ، لم تطلق بوجود الشرط لعدم الصفة حتى إذا صارت في طهر لا جماع فيه ، طلقت بحدوث الصفة بعد وجود الشرط ولا يعتبر اجتماع الصفة والشرط . ولكن لو قال : إذا قدم فلان وأنت من ذوات السنة فأنت طالق ، لم تطلق إلا بقدوم فلان وهي في طهر لا جماع فيه ، لأنه قد جعل الصفة شرطا ، وجعل طلاقها معلقا باجتماع شرطين ، فلم تطلق بوجود أحدهما ولا بانفرادهما .

                                                                                                                                            ولو قال : إذا قدم زيد فأنت طالق ، ولم يعلقه بسنة ولا بدعة ، طلقت بقدومه طاهرا كانت أو حائضا . لكن إن كانت طاهرا فهو طلاق سنة ، وإن كانت حائضا فهو طلاق بدعة ، غير أنه لا يأثم به ، لأنه لم يقصده .

                                                                                                                                            ألا ترى أن متعمد وطء الشبهة آثم ، ومن لم يتعمده غير آثم ، وإذا لم يأثم لم يندب إلى الرجعة كالآثم ، لأن المقصود بالرجعة قطع الإثم ، ولا فرق بين قوله : أنت طالق إذا قدم زيد وبين قوله إن قدم زيد ، أنها لا تطلق إلا بقدوم زيد ، لأنهما جميعا حرفا شرط . ولكن لو قال : أنت طالق إذا قدم زيد ، وأنت طالق أن قدم بفتح الألف طلقت مكانها ، لأنهما حرفا جزاء عن ماض سواء كان زيد قد قدم أم لا ؛ لأنه إن لم يقدم بطل الجزاء وثبت الحكم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية