مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ويلزم الحنث بالظهار كما يلزم بالطلاق " . [ ص: 434 ] قال الماوردي : وجملته أن الظهار ملحق بالطلاق بأن يقول : أنت علي كظهر أمي، فيقع معجلا بأن يقول إذا جاء رأس الشهر فأنت علي كظهر أمي فلا يكون مظاهرا قبل الشهر فإذا جاء رأس الشهر صار مظاهرا ، ويقع على صفة أن ومؤجلا ، فإن شاءت في الحال صار مظاهرا وإن لم تشأ في الحال لم يكن مظاهرا ، ولو قال إن شاء زيد فمتى شاء زيد على الفور أو التراخي كان مظاهرا وإن لم يشأ فليس بمظاهر ، ويقع بأن يحلف به فيحنث مثل قوله : إن كلمت زيدا فأنت علي كظهر أمي فمتى حنث بكلام زيد صار مظاهرا . ويصح فيه الاستثناء بمشيئة الله تعالى فيقول لها : أنت علي كظهر أمي إن شاء الله تعالى فلا يكون مظاهرا . وذكر يقول : أنت علي كظهر أمي إن شئت الشافعي في القديم فقال : إذا قولين : ظاهر فقال إن شاء الله
أحدهما : لا يقع وهو مذهب في الظهار والطلاق .
والثاني : يقع فاختلف أصحابنا في تخريجه على وجهين :
أحدهما : لا يصح تخريجه له قولا ثانيا ولا مذهبا معتمدا كما لا يصح تخريجه في الطلاق ويكون محمولا على الحكاية عن غيره من الفقهاء .
والوجه الثاني : أن تخريجه صحيح وهو قول ثان في القديم أنه يصح ظهاره مع الاستثناء وإن لم يصح طلاقه .
والفرق بينهما : أن جنس الطلاق مباح فجاز أن يرتفع بالاستثناء، وجنس الظهار محظور فلم يرتفع بالاستثناء ، ومن قال بتخريج هذا القول قال به في تعليق الظهار بشرط أو على صفة ، أو إلى أجل أنه لا يتعلق بهما ويقع ناجزا على هذا القول المخرج في الاستثناء .
مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " ولو لم يكن متظاهرا لأن التحريم إنما يقع من النساء على من حل له ولا معنى للتحريم في المحرم ويروى مثل ما قلت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال إذا نكحتك فأنت علي كظهر أمي فنكحها علي وابن عباس وغيرهم وهو القياس " .
قال الماوردي : وهذا صحيح لأنه لما لم ينعقد طلاق قبل نكاح لم ينعقد ظهار ولا إيلاء قبل نكاح، فإذا نكحها لم يكن مظاهرا ، ولو ظاهر منها وهي زوجته ثم طلقها عقيب ظهاره من غير عود ثم استأنف نكاحها بعقد ففي عود ظهاره قولان على ما مضى في الطلاق والإيلاء .
ولو قال وتزوجها صغيرا : إذا بلغت فأنت علي كظهر أمي لم يكن مظاهرا إذا بلغ لأنه لا حكم لقوله . [ ص: 435 ] ولو قال وهو بالغ وهي صغيرة إذا بلغت فأنت كظهر أمي كان مظاهرا إذا بلغت لأنه عقد الظهار في وقت لو عجله صح .