فصل : وإذا ففي نكاحه وجهان : أعتق السيد في مرضه أمة ، وتزوجها ووطئها ، ثم مات عنها ،
أحدهما : باطل ؛ لأن حالها مترددة بين أن يعتق من ثلثه ، فيصح نكاحها ، وبين أن ترق بالدين ، فيبطل نكاحها ، ومن هذه حالها لا يصح نكاحها ؛ لأن النكاح الموقوف باطل .
والوجه الثاني : وهو قول أبي العباس بن سريج ، أن النكاح ينعقد ، وعقده موقوف على خروجها من ثلثه ، أو إجازة ورثته لعتقه لا لنكاحهما ، فإن خرجت من الثلث أو أجاز الورثة العتق صح النكاح ، ولم ترث به ؛ لأن عتقها وصية تبطل بالميراث ، وإن لم يخرج من الثلث ، ولم يجز الورثة العتق بطل النكاح ، واتفق حكم الوجهين مع بطلانه ، وفي وطئه لها وجهان :
أحدهما : يكون هدرا لا تستحق به مهرا ، لتردد حالها بين أن تستحقه بعتقها أو يسقط برقها .
والوجه الثاني : يكون المهر منه مستحقا اعتبارا بظاهر العتق ، وفيه إذا كان مستحقا وجهان حكاهما ابن سريج :
أحدهما : يكون من رأس المال اعتبارا بمهور الأحرار .
والوجه الثاني : أنه يكون من الثلث اعتبارا بعتقها أنه من الثلث .
فإذا استقر هذا لم يخل حالها من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تتسع التركة لقيمتها ومهرها ، فينفذ عتقها ، وتستحق به جميع مهرها .
والقسم الثاني : أن يتسع لقيمتها ، ويضيق عن مهرها ، فيكون نفوذ عتقها في جميعها موقوفا على إبرائها من مهرها ، فإن أبرأت منه بعد العتق في جميعها ، وإن طالبت به دخل به دور يبطل به من عتقها بقدر ما تستحقه بحريتها على ما سنذكره .
[ ص: 63 ] والقسم الثالث : أن تضيق التركة عن قيمتها ومهرها ، بألا يكون له مال غيرها .
مثاله : أن تكون قيمتها ثلاثمائة درهم ، ومهر مثلها مائة درهم ، فإن جعلنا المهر من رأس المال جعلت لهما بالعتق سهما ، وبالمهر ثلث سهم ، وجعلت للورثة سهمين تكون ثلاثة أسهم وثلثا ، فأبسطها من جنس الكسر تصير عشرة أسهم ، فأعتق منها بسهم العتق ، وهو ثلثه ، فيعتق بها ثلاثة أعشارها ، وبيع منها بسهم المهر عشرها يكون هو بقدر ثلاثة أعشار مهرها ، ويرق للورثة ستة أعشارها ، وهو مثلا ما عتق منها .
وإن جعل المهر من الثلث جعلت ثلثها ، وقيمته مائة درهم ، مقسوما بين العتق والمهر على أربعة أسهم ، يكون قسط السهم خمسة وعشرين درهما ، فأعتق منها بسهام العتق ، وهي ثلاثة أسهم قدرها خمسة وسبعون درهما ، فعتق بها ربعها ، وبيع منها بسهم المهر وهو خمسة وعشرون درهما بقية ثلثها ، وقدره نصف السدس ، وهو ربع مهرها ، فقد استكمل بها ثلثها ، وقيمته مائة درهم ، ورق للورثة ثلثاها ، وقيمته مائتا درهم ، وهو مثلا ما خرج بالعتق والمهر .