الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وبيع نجومه مفسوخ " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : بيع نجوم المكاتب لا يصح سواء حلت أو كانت إلى أجلها ، وجوزه مالك وذكره الشافعي في القديم ، فجعله بعض أصحابنا قولا له ، وجعله بعضهم حكاية عن مالك ، احتجاجا بأن بيع بريرة كان معقودا على نجومها ، ولأنه عقد البيع على ملك فصح كما لو عقده على عبده .

                                                                                                                                            والدليل على فساد بيعه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر ، وهذا غرر ، لتردده بين الأداء والعجز ، ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الدين بالدين ، ولأن مال الكتابة غير لازم ، فلم يجز أن [ ص: 245 ] يعقد عليه بيع لازم لتنافيها ، ولأن مالكا يقول : إن وصل المشتري إلى نجوم الكتابة عتق ، وكان ولاؤه للبائع ، وإن عجز عن الكتابة ملك رقبة المكاتب ، وهذا يوجب فساد ابتياعه من خمسة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : أن درك ما فات قبضه مستحق على البائع ، وقد عدل به إلى جهة المكاتب .

                                                                                                                                            والثاني : أن الدرك استرجاع الثمن ، وقد عدل به إلى رقبة المكاتب .

                                                                                                                                            والثالث : أنه جعل ولاءه لغير معتقه .

                                                                                                                                            والرابع : أنه عدل بعتقه عن الصفة المعقودة في قول البائع : إذا أديت إلي آخرها فأنت حر ، إلى صفة غير معقودة في أنه إذا أدى إلى المشتري صار حرا .

                                                                                                                                            والخامس : أنه جعله عقدا على مجهول ، لتردده بين ملك المال أو السرقة ، فأما بيع بريرة فإنما عقد على رقبتها بعد العجز ، لأنها أتت عائشة رضي الله عنها تستعين بها في مال كتابتها ، والبيع ليس بمعقود على ملك كما ذكره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية