الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " ولو قتله السيد لم يكن عليه شيء لأنه مات عبدا ، ولو قطع يده فإن كان يعتق بأرش يده وطلبه العبد جعل قصاصا وعتق ، وإن مات بعد ذلك ضمن ما يضمن لو جنى على عبد غيره فعتق قبل أن يموت ، وإن كانت الكتابة غير حالة كان له تعجيل الأرش فإن لم يقبضه حتى مات سقط عنه لأنه صار مالا له " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وإذ قد مضى الكلام في جناية الأجنبي على المكاتب ، وذكرنا الفرق بين أن يكون على نفس أو طرف ، وانتقل الكلام إلى جناية السيد على مكاتبه ، وهي على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن تكون على نفس ، فتكون هدرا لا قود فيها ولا دية لأنه عبده ، والسيد لا يقتل بعبده ، لكن عليه كفارة القتل ، فإن خلف المكاتب مالا كان بيده ، [ ص: 280 ] فذلك المال لسيده وإن كان قاتله ، لأنه ليس يأخذه ميراثا ، فيمنعه القتل من أخذه ، وإنما يأخذه ملكا ، فلم يمتنع بالقتل من أخذه .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن تكون الجناية على طرفه كقطع إحدى اليدين ، فلا قود على السيد فيها ، لأن السيد لا يقاد بعبده ، وهل يلزمه دية اليد قبل اندمالها أم لا ؟ على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا تلزمه ديتها إلا بعد الاندمال ، لأن أرش الجناية قبل اندمالها غير مستقر ، فعلى هذا يكون للسيد مطالبة المكاتب بمال الكتابة ، ولا يلزمه إنظاره لأجل الجناية وللمكاتب حالتان :

                                                                                                                                            إحداهما : أن يؤدي فيعتق .

                                                                                                                                            والثانية : أن يعجز فيرق ، فإن أدى فعتق ، فللجناية حالتان :

                                                                                                                                            إحداهما : أن تندمل ، فيحكم له على نفسه بنصف قيمته عبدا ، لأنها لم تسر ، فروعي فيها حكم الابتداء .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن تسري إلى نفسه ، فيحكم على السيد بجميع ديته ، لأنها سرت إلى نفسه ، وهو حر ، فروعي فيها حكم الانتهاء ، ولا يرثه السيد بالولاء ، لأنه قاتل ، ويكون ميراثه إن لم يخلف ولدا في بيت المال ، وإن عجز المكاتب ورق قبل الاندمال سقط أرش الجناية عن السيد ، سواء اندملت أو سرت إلى النفس ، لأن جنايته على عبده هدر ، لكنه يلتزم الكفارة إن سرت إلى نفسه ، فهذا حكم أحد القولين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية