الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ولا يجوز بيع الولاء ولا هبته ، ولا الوصية به ، وهو قول الجمهور . وحكي عن عروة بن الزبير ، وسعيد بن المسيب ، والأسود وعلقمة ، والشعبي ، والنخعي ، أن بيع الولاء وهبته والوصية به جائزة ، وأضافوه إلى ابن عباس لما رواه عمرو بن دينار قال وهبت ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها ، ولاء سليمان بن يسار لابن عباس ، وكان مكاتبا لها ، وابن عباس ابن أختها .

                                                                                                                                            وروى هشام بن عروة عن أبيه أنه اشترى ولاء طهمان وبنيه لبني أخيه مصعب بن الزبير .

                                                                                                                                            وروي عن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه أعتق عبدا له ، ووهب ولاءه لابنه محمد ، وأشهد زيد بن ثابت .

                                                                                                                                            وروى أبو بكر بن عمرو بن حزم أن امرأة من حصن محارب وهبت ولاء عبد لها لنفسه ، وأن المولى وهب ولاء نفسه لعبد الرحمن بن عمرو بن حزم ، فلما توفيت المرأة خاصم ورثتها المولى إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه فدعا المولى بالبينة على ما قال ، فقال له عثمان : وال من شئت ، فوالى عبد الرحمن بن عمرو .

                                                                                                                                            وهذا قول يبطل بالنص الذي رويناه عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أنه نهى عن بيع الولاء وهبته " ، وبقوله : الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب .

                                                                                                                                            وبما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : من تولى غير مواليه فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه .

                                                                                                                                            وروي أن حمزة بن عبد الله بن عمر سأل أباه عبد الله عن شراء الولاء ، فقال عبد الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تبيعوا الولاء ولا تأكلوا ثمنه .

                                                                                                                                            وروي عن علي عليه السلام أنه قال : " الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب قروه حيث جعله الله عز وجل " .

                                                                                                                                            وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : ( الولاء نسب ، أيبيع الرجل نسبه ) .

                                                                                                                                            فأما ما رووه من الآثار ، فلا يعارض ما رويناه من نصوص الأخبار ، ولعلها كانت على وجوه لا تعرف عللها ، وقد أنكرها الزهري وأنشد :


                                                                                                                                            فباعوه مملوكا وباعوه معتقا فليس له حتى الممات خلاص

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية