فصل : وإذا فعلى ضربين : أعتق السيد عبده عن غيره ،
أحدهما : أن يعتقه عن حي .
والثاني : عن ميت .
فإن أعتقه عن حي ، فعلى ضربين :
أحدهما : أن يعتقه عنه بغير أمره ، فيكون ولاؤه لمعتقه ، ويكون للمعتق عنه اعتبارا لقصد المعتق ، وحمله على مذهبه في السائبة ، وقد مضى الكلام معه .
والضرب الثاني : أن يعتقه عتق الحي بأمره ، فيكون ولاؤه للآمر دون المعتق ، فإن أمره أن يعتقه بعوض كان بيعا ، وإن أمره أن يعتقه بغير عوض كان هبة .
وقال أبو حنيفة : إن كان بعوض كان ولاؤه للآمر ، وإن كان بغير عوض كان ولاؤه للمعتق . ودليلنا : هو أن عتق الموهوب كعتق المبيع ؛ لأنه يملك بالهبة كما يملك بالبيع ، فوجب أن يستويا في استحقاق الولاء .
وأما العتق عنه بعد موته ، فضربان :
أحدهما : أن يكون عن إذن الميت في حياته ، فيكون ولاؤه للآمر دون المعتق كالحي .
والضرب الثاني : بغير إذن الميت ، فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون العتق تطوعا ، فيكون العتق عن المعتق ، وله ولاؤه دون الميت .
والضرب الثاني : أن يكون العتق عن واجب في الكفارة ، فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون عتقا في كفارة لا خيار فيها كالعتق في كفارة القتل والظهار ، فيكون العتق واقعا عن المعتق عنه ، وله ولاؤه دون المعتق لوجوبه على من يقدر على أدائه .
[ ص: 91 ] والضرب الثاني : أن يكون العتق عن كفارة فيها تخيير مثل كفارة الأيمان ، فينظر في المعتق .
فإن كان وارثا وقع العتق عن المعتق عنه ، وله ولاؤه دون المعتق ؛ لأن الوارث يقوم مقام الموروث ، وإن كان المعتق أجنبيا ، ففيه وجهان :
أحدهما : يجزئ عن المعتق وله ولاؤه ، لوجوبه عليه كالوارث .
والوجه الثاني : لا يجزئ عن المعتق عنه ، ويكون واقعا عن المعتق ، وله ولاؤه ؛ لأنه لما جاز العدول عن العتق إلى الإطعام والكسوة صار العتق فيها كالتطوع .