مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : "  وجناية المدبر جناية عبد      " .  
 [ ص: 123 ] قال  الماوردي      : وهذا قد مضى ، وذكرنا أنها في رقبته ، وأن السيد غير مأخوذ بفدائه منها بخلاف أم الولد .  
وخالف  أبو حنيفة   فيه ، وأخذ السيد بفدائه منها ، كأم الولد والخلاف فيه فرع على جواز بيعه ، وقد تقدم الكلام فيه . وسواء كانت الجناية على نفس أو طرف أو مال فإن  جمع السيد في عبد بين التدبير والكتابة   فعلى ضربين :  
أحدهما : أن يدبر مكاتبه .  
والثاني : أن يكاتب مدبره .  
فأما الضرب الأول : وهو أن يدبر مكاتبه ، فالتدبير بعد الكتابة جائز ، وحكمها فيه ثابت ، فيستفيد بهما تعجيل عتقه بأسبقهما وإن كان المكاتب كالخارج عن ملكه في بعض الأحكام ، فليس بخارج عن ملكه في جميعها ، ولا تمنع الكتابة من عتقه بالمباشرة فلم تمنع من تدبير . ومن تعليق عتقه بصفة ، وتكون جنايته جناية المكاتب دون المدبر ؛ لأنها أغلظ حاليه . فإن تعجل أداؤه في الكتابة ، عتق بها وبطل حكم التدبير ، وإن تعجل موت السيد عتق بالتدبير ، وبطل حكم الكتابة ، فإن لم يخرج المدبر من ثلثه ، عتق منه بالتدبير قدر ما احتمله الثلث ، وبرئ من مال الكتابة بقدر ما عتق منه ، وكان باقيه على الكتابة ، إذا أداه إلى الورثة ، عتق به وكمل عتقه بالتدبير والكتابة .  
وأما الضرب الثاني : وهو أن يكاتب مدبره ، فيقدم تدبيره ثم يكاتبه فالتدبير لا يمنع من الكتابة كما لا تمنع الكتابة من التدبير لما في اجتماعهما من تعجيل العتق ، بأسبقهما ، فكان أحظى للعبد من انفراد أحدهما .  
وإذا أصح بهذا التعليل كتابة المدبر ، فإن جعل التدبير في حكم العتق بالصفة لم يبطل بالكتابة ، وثبت حكمهما فيه . فإن أدى مال الكتابة قبل موت سيده ، عتق بالكتابة وبطل التدبير ، وإن مات السيد قبل أداء مال الكتابة ، عتق بالتدبير ، وبرئ من مال الكتابة وإن جعل التدبير في حكم الوصايا .  
قال  أبو حامد الإسفراييني      : يبطل التدبير بالكتابة ، ويصير مكاتبا غير مدبر ، وهذا ليس عندي بصحيح ، بل يكون تدبيره بعد الكتابة باقيا ، وإن أجري مجرى الوصايا ، ولا تكون الكتابة رجوعا فيه ؛ لأن الرجوع إبطال للعتق والكتابة مفضية إلى العتق ، فناسبت التدبير ، ولم تضاده . وتكون جنايته بعد الكتابة جناية مكاتب .  
				
						
						
