مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وأظهر معاني الخير في العبد بدلالة الكتاب الاكتساب مع الأمانة فأحب ألا يمتنع من كتابته إذا كان هكذا " .
قال الماوردي : قد ذكرنا اختلاف أهل التأويل في قول الله تعالى : إن علمتم فيهم خيرا ، وأن الشافعي تأول الخير المراد في العبد الاكتساب مع الأمانة ، ليكون بالاكتساب قادرا على الأداء ، وبالأمانة قادرا على الوفاء .
وإذا كان كذلك فلا يخلو من أربعة أحوال : حال العبد في الكسب والأمانة إذا طلب الكتابة
أحدها : أن يجتمعا فيه فيكون من أهل الكسب والأمانة فكتابته ندب فيستحب للسيد أن يجيب إليها ، وهي التي أوجبها من مال بوجوب الكتابة .
والحال الثانية : أن يعدما فيه ، فلا يكون من أهل الكسب ولا من أهل الأمانة فكتابته مباحة لا تجب ولا تستحب وهي إلى المنع من الجواز أقرب ؛ لأنه لعدم الكسب عاجز ولعدم الأمانة خائن ، وكرهها أحمد وإسحاق كما تكره مخارجة الأمة .
والحال الثالثة : أن يكون مكتسبا غير أمين فلا يستحب لعدم أمانته ، ولا تكره لوجود قدرته .
والحال الرابعة : أن يكون أمينا غير مكتسب ، فلا تستحب لعدم كسبه وظهور عجزه ولا تكره لأمانته ، وأنه قد يراعى لأجلها من سهم الرقاب في الزكاة وكان بعض أصحابنا يقدم في الاختيار مكاتبة الأمين غير المكتسب على مكاتبة المكتسب غير الأمين ؛ لأن ذا الأمانة معان ولا فرق في الكتابة بين العبد والأمة استشهادا ولصحة العتق فيهما وجواز الاكتساب منهما . ببريرة