مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإن ولدت منه بعد عتقه بستة أشهر كانت في حكم أم ولده وإن وضعت لأقل فلا تكون أم ولد إلا بوطء بعد العتق وله بيعها " .
قال الماوردي : إذا ، فلا حد عليه في وطئها ، ولا مهر ، سواء جوز له ذلك أو منع منه ، أما سقوط الحد فلوجود الشبهة في تردده بين أن يكون مالكا أو غير مالك ، وأما سقوط المهر فلأن مهرها من كسبه ، فلم يجب له على نفسه مهر ، فإن أحبلها وجاءت بولد فهو لاحق به ، لأنه من ملك أو شبهة ملك ، وهو مملوك لأنه من بين مملوكين ، ولا يملكه السيد لزوال ملكه عن أبويه ، ولا يعتق على الأب بالملك لبقاء الأب على رقه ، وليس للأب بيعه لحرمة نسبه ، ويكون تبعا له في الكتابة يعتق بعتقه ، ويرق برقه ، وهل تصير به أم ولد أم لا ؟ على قولين : وطئ المكاتب أمة ، قد اشتراها في كتابته
أحدهما : لا تصير به أم ولد ، لأنها علقت به وهو مملوك ، فلم تنتشر حرمته إليها ، فعلى هذا يجوز له بيعها في كتابته وبعد عتقه .
والقول الثاني : أنها قد صارت به أم ولد له ، لأن لولدها في الحال حرمة تمنع من [ ص: 186 ] جواز بيعه ، فانتشرت حرمته إليها في المنع من بيعها ، فعلى هذا يوقف أمرها على عتقه ، فإن عتق حرم بيعها ، وإن عجز ورق صارت هي وولدها ملكا للسيد ، تبعا لرق المكاتب ، وله بيع جميعهم ، هذا إذا كان وضعها للولد قبل عتق المكاتب .
فأما إذا وضعت ولدا بعد عتق المكاتب ، فلا يخلو أن تضعه لأقل من ستة أشهر أو لستة أشهر فأكثر ، فإن وضعته لأقل من ستة أشهر فهو مملوك في حال العلوق وحر في وقت الولادة ، فعليه الولاء لأبيه لعتق الولد بعد رقه ، وهل تصير له أم ولد أم لا ؟ على ما مضى من القولين .
وإن وضعت لستة أشهر فصاعدا كان حر الأصل ، لأنه يجوز أن يكون علوقه متقدما في الرق ، ويجوز أن يكون حادثا بعد العتق ، ونحن على يقين من حدوثه ، وفي شك من تقدمه ، فوجب أن يتعلق عليه حكم اليقين دون الشك . فعلى هذا لا يكون عليه ولاء ، لأنه لم جر عليه رق ، وتكون أمه أم ولد قولا واحدا ، لأنها علقت بحر ، والله أعلم .