مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو جاءت من كل واحد منهما بولد يدعيه ولم يدعه صاحبه فإن كان الأول موسرا أدى نصف قيمتها وهي أم ولد له وعليه نصف مهرها لشريكه ، والقول في نصف ولدها كما وصفت ، ويلحق الولد الآخر بالواطئ الآخر وعليه مهرها كله ، وقيمة الولد يوم سقط تكون قصاصا من نصف قيمة الجارية ، وإنما لحق ولدها به بالشبهة ( قال المزني ) وقد مضى قوله في هذه المسألة بما قلت لأنه لو لم يكن للأول أم ولد إلا بعد أداء نصف القيمة لما كان على المحبل الثاني جميع مهرها ولا قيمة ولده منها فتفهم ذلك .
قال الماوردي : وهذه المسألة مصورة في ، فيلحق بكل واحد منهما ولده ، ويعزران إن علما ، ولا يحدان لما ذكرنا ، وقد صورها [ ص: 227 ] وطء الشريكين إذا وضعت منهما ولدين ، وتعين ولد الأول منهما وولد الثاني من غير اختلاف ولا دعوى استبراء الشافعي في " الأم " إذا رقت بالعجز ، لأن حكمها إن لم تعجز مبني عليه ومحكوم فيه بما أوضحناه في الولد الواحد ، وإذا كان الأمر كذلك اعتبرت . حال الواطئين فإنهما لا يخلوان من أربعة أقسام
إما أن يكونا موسرين .
أو يكونا معسرين .
أو يكون الأول موسرا والثاني معسرا .
أو يكون الأول معسرا والثاني موسرا .
فأما القسم الأول : وهو أن يكونا موسرين ، فنبدأ بحكم الأول ، ثم حكم الثاني .
أما الأول فولده حر كله ، وعليه نصف المهر وتصير حصته منها وهي النصف أم ولد له ، ويقوم عليه باقيها وهو النصف ليصير جميعها أم ولد له ، وفيما يصير به ما يقوم منها أم ولد ثلاثة أقاويل :
أحدها : بالإحبال .
والثاني : بأداء القيمة .
والثالث : موقوف مراعى ، فإن دفع القيمة علم أنها أم ولد بالعلوق ، وإن لم يدفعها علم أن لم تكن بذلك أم ولد ، وأما قيمة نصف الولد فإن وضعته بعد دفع القيمة لم يلزمه وكان جميعه حرا من غير تقويم ، وإن وضعته قبل دفع القيمة فإن جعلت أم ولد بالإحبال لم يلزمه قيمته ، وإن جعلت أم ولد بدفع القيمة لزمه نصف قيمته لشريكه .
وأما الثاني فإن كان وطؤه بعد أن جعلنا جميعها أم ولد للأول ، فعليه جميع المهر ، وجميع قيمة الولد ، ولا تكون حصته منها أم ولد له ، لأنها قد صارت بالتقويم أم ولد للأول ، وإن كان وطؤه قبل أن جعلنا جميعها أم ولد للأول فعليه نصف المهر ونصف قيمة الولد .
وأما القسم الثاني : وهو أن يكونا معسرين فيجب على الأول نصف مهرها ، ويكون نصفها أم ولد له ، ولا يقوم عليه باقيها ، ونصف ولده حر ، وفي باقيه وجهان :
أحدهما : حر وعليه قيمته إذا أيسر .
والثاني : مملوك للشريك ويكون على الثاني نصف مهرها ، ويصير نصفها أم ولد له ، ونصف ولده حر ، وفي باقيه وجهان على ما مضى ويتقاصان ما عليها ، ويتراجعان فضلا إن كان فيه .
[ ص: 228 ] وأما القسم الثالث : وهو أن يكون الأول موسرا والثاني معسرا ، فيكون على الأول نصف المهر ونصف قيمة الأم ، وفي نصف قيمة الولد قولان ، ويكون على الثاني إذا جعلت أم ولد للأول جميع المهر ، ويكون جميع ولده مملوكا للأول ، وفي حكم أم الولد لأنه ولد أم ولد ويتقاصان ما عليها ، ويتراجعان الفضل فيه .
وأما القسم الرابع : وهو أن يكون الأول معسرا والثاني موسرا ، فيكون نصفها أم ولد للأول ، وعليه نصف المهر ، ونصف ولده حر ، وفي باقيه وجهان ، ويكون نصفها الثاني أم ولد ، وعليه نصف المهر ونصف قيمة الولد وجها واحدا . والله أعلم .