مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " ولو أوصى بعتقه عتق بالأقل من قيمته أو ما بقي عليه من كتابته إن كان قيمته ألفا وباقي كتابته خمسمائة أو كانت ألفا وثمنه خمسمائة فيعتق بخمسمائة . وقال في الإملاء على مسائل مالك : ولو عتق ثلثه ، فإن أدى ثلثي الكتابة عتق كله ، وإن عجز رق ثلثاه ، ولو قال : ضعوا عنه كتابته فهي وصية له فيعتق بالأقل من قيمته أو كتابته ، وسواء كانت حالة أو دينا يحسب في الثلث " . أعتقه عند الموت ولا مال له غيره
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا أوصى السيد بعتق مكاتبه أو بإبرائه من كتابته فهما سواء يعتبران في الثلث بأقل الأمرين على ما ذكرنا ، فإن خرج أقل الأمرين من الثلث عتق جميعه ، وإن عجز عنه ولم يخلف مالا سواه لم يخل ما عليه من مال الكتابة من أن يكون حالا أو مؤجلا ، فإن كان قد حل عتق ثلثه في الحال ، وقيل له : إن أديت ثلثي كتابتك عتق جميعك بالوصية والأداء ، وإن عجزت استرق الورثة ثلثيك ، فصار ثلثك حرا ، وثلثاك مرقوقا .
وإن ؟ على وجهين : كان مال الكتابة مؤجلا ، فقد اختلف أصحابنا هل يتعجل عتق ثلثه أم لا
أحدهما : لا يتعجل عتق شيء منه ، لأنه لا يجوز أن يمضي بالوصية ما لا يحصل للورثة مثلاه ، وفي تعجيل العتق ووقوف الثلثين على الأداء منع للورثة من التصرف في مثلي ما خرج بالوصية ، فوجب أن يكون موقوفا ، فكلما أدى من مال كتابته شيئا إلى الورثة عتق منه مثل نصفه ، ليصير إلى الورثة مثلا ما خرج بالوصية .
والوجه الثاني : وهو ظاهر مذهب الشافعي ، وقول جمهور أصحابه : أنه يتعجل ثلثه في الحال ، ويكون ثلثاه موقوفا على الأداء ، فإن وفاه عتق ، وصار جميعه حرا ، وإن عجز عنه رق ثلثاه ، وكان ثلثه حرا ، واختلف من قال بهذا الوجه في العلة في [ ص: 286 ] تعجيل العتق ، ووقوف الباقي ، فقال أبو إسحاق المروزي : لأن جميع المكاتب حاضر ، والورثة في باقيه على يقين من أحد أمرين : من عتق بأداء ، أو رق بعجز . وإنما يمنع من ثبوت الوصية بحاضر إذا كان باقي المال غائبا .
وقال غيره من أصحابنا : إن العلة فيه أنه دين مؤجل قد أوصى به لمن هو عليه ، فإذا لم يخرج من الثلث برئ من ثلث الدين ، وكان ثلثاه باقيا للورثة إلى أجله ، وهكذا حكم الوصية بالدين .