الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " ولو قال : قد استوفيت آخر كتابتك إن شاء الله أو شاء فلان لم يجز لأنه استثناء " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : إذا قال : قد استوفيت منك مال كتابتك إن شاء الله أو شاء فلان لم يجز ، وكان إقرارا باطلا ، واختلف أصحابنا في العلة ، فقال بعضهم وهو الظاهر من كلام الشافعي : لأن مشيئة الله تعالى استثناء يرفع حكم ما اتصل به ، كما يرتفع به حكم الطلاق ، والعتاق ، والأيمان ، وقال آخرون : لأن مشيئة الله في الكلام تستعمل في المستقبل دون الماضي ، فصار معناه : سأستوفي منك إن شاء الله ، وأما إن قال : قد استوفيت منك مال كتابتك إن شاء زيد لم يصح أيضا . واختلف أصحابنا في العلة ، فذهب بعضهم إلى ظاهر ما قاله الشافعي أنه استثناء .

                                                                                                                                            وقال آخرون : لأنه إقرار مقيد بصفة ، وحملوا قول الشافعي : " لأنه استثناء " على مشيئة الله دون مشيئة غيره ، لأن الاستثناء مختص بمشيئة الله وحده .

                                                                                                                                            وأما إن قال : قد استوفيت منك آخر كتابتك وأطلق ، لم يكن هذا إقرارا باستيفاء جميع مال الكتابة ، لاحتماله أن يريد به ما حل من نجومه دون ما لم يحل ، أو أن يريد به آخر نجم دون أوله ، أو يريد به جميع الباقي بأسره ، فلاحتماله ذلك لم يكن إقرارا باستيفاء جميع المال حتى يريده ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية