الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين .

[124] وإذ ابتلى أي: واذكر إذا ابتلى، والابتلاء: الاختبار، وابتلاء الله العباد ليس ليعلم حالهم بالابتلاء; لأنه عالم بهم، ولكن ليعلم العباد أحوالهم حتى يعرف بعضهم بعضا.

إبراهيم هو اسم أعجمي، ولذلك لا يجر، ومعناه بالسريانية: الأب الرحيم، وهو إبراهيم بن تارح بن ناحور، وكان مولده بكوثا، ولكن نقله أبوه إلى بابل أرض نمرود بن كنعان، عاش إبراهيم -عليه السلام- مئة وخمسا وسبعين سنة، وقيل غير ذلك، وبين وفاته والهجرة الشريفة الإسلامية ألفان وسبع مئة وثماني عشرة سنة، ودفن بمغارة حبرون بجبل بيلون تجاه بيت المقدس مما يلي القبلة بمسافة تقرب من بريدين، فقيل: إنها ثلاثة عشر ميلا، وقيل: ثمانية عشر ميلا، ثم بنى سليمان -عليه السلام- على المغارة حيزا بأمر الله تعالى، ولم يثبت قبر نبي من الأنبياء سوى قبر [ ص: 189 ] نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بداخل الحجرة الشريفة بطيبة المشرفة، وقبر الخليل -عليه السلام- بداخل الحيز السليماني، وما عداهما من الأنبياء -عليهم السلام-، فمحل قبورهم بالظن لا بالقطع. قرأ هشام : (إبراهام) بالألف جميع ما في هذه السورة، وجملته خمسة عشر موضعا، واختلف عن ابن ذكوان، وكذلك روي عنهما في مواضع أخر يأتي ذكرها في محلها، جملتها ثمانية عشر موضعا غير ما في هذه السورة، ووجه خصوصية هذه المواضع، وهي ثلاثة وثلاثون موضعا: أنها كتبت في المصاحف الشامية بحذف الياء منها خاصة، وكذلك وجدت في المصحف المدني، وكتب في بعضها في سورة البقرة خاصة، وروي عن ابن عامر الألف في جميع القرآن.

ربه بكلمات هن شرائع الإسلام.

فأتمهن أي: أداهن وعمل بهن.

قال الله إني جاعلك للناس إماما يقتدى بك في الخير.

قال إبراهيم ومن ذريتي أي: من أولادي أيضا، فاجعل منهم أئمة يقتدى بهم.

قال الله تعالى:

لا ينال لا يصيب.

عهدي الظالمين أي: من كان منهم ظالما لا يصيبه عهدي; أي: الإمامة. ونصب الظالمين ; لأن العهد ينال كما ينال. قرأ حمزة، وحفص [ ص: 190 ] (عهدي) بإسكان الياء، والباقون: بفتحها، ومعنى الآية: لا ينال ما عهدت إليك من النبوة والإمامة من كان ظالما من ولدك.

التالي السابق


الخدمات العلمية