الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إذا أحاط الدين بمال المأذون فادعى السيد أن ما بيده له ، وقال العبد : لي صدق العبد تشبيها بالحر بسبب الإذن ، ويصدق السيد في غير المأذون لقوة الملك والقدرة على الانتزاع .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : لا يحجر على عبد إلا عند السلطان فيوقفه السلطان للناس ، ويشهره في مجلسه ، ويشهد على ذلك فيحذر الناس معاملته ، وكذلك غير العبد ، وإذا اغترق الدين مال المأذون فللسيد الحجر عليه ، ( ولاشيء للعبد في ماله إلا أن يفضل عن دينه كالحر ، وليس للغرماء الحجر عليه ، بل يقوموا عليه فيقاسموه كالحر ) ، وفي الجواهر : وقيل : يكفي في الحجر السيد كما يكفي في الإذن ، قال اللخمي : إذا لم تطل إقامته فيما أذن له فيه كفى السيد ، ويذكر ذلك عند من يخالطه ، وإلا فلا بد من السلطان ، فإنه الحاسم لضرر الناس .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال ابن يونس : قال في كتاب الشركة : للمأذون أن يدفع مالا قراضا ; لأنه من باب التنمية ، وقال سحنون : لا يدفع قراضا ولا يأخذه ; لأنه إجارة [ ص: 319 ] ولم يؤذن له إلا في التجارة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الجواهر : لا ينبغي الإذن لغير المأذون ومتعاطي الربا ، فإن فعل وكان يعمل بالربا تصدق السيد بالربح ، وإن جهل ما يدخل عليه من الفساد في البيع استحب التصدق بالربح لعدم تعين الفساد ، وكذلك العبد والذمي إذا اتجر مع المسلمين ، فإن تجر مع أهل دينه فأربى وتجر في الخمر فعلى القول بأنهم مخاطبون بالفروع فكالأول ، وإلا سوغ للسيد ذلك إن تجر بنفسه ، وإن تجر للسيد فكتولي السيد لذلك ; لأن يد الوكيل كيد الموكل .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الجواهر : إذا باع غير المأذون انعقد ، ووقفت إجازته على إذن السيد ، لأنه أهل للمعاملة ، وإنما منع لحق السيد ، ويجوز قبوله للوصية والهبة دون إذن سيده لعدم الضرر ، ويخالع امرأته ، قال اللخمي : والمدبر وأم الولد على الحجر والمعتق بعضه في يوم سيده كذلك ، وفي يومه كالحر وله البيع إلى أجل بالمال الذي حصل له بالمقاسمة ، وهو في الهبة والنكاح والسفر على الحجر ، والمكاتب على الإطلاق ، إلا في الهبات والصدقة والنكاح ; لأنها تؤدي إلى التعجيز .

                                                                                                                وفي السفر قولان نظرا للحجر ، أو لأنه قد ينمي ماله فيستعين به عن الكتابة ، قال : وأرى أن ينظر إلى المكاتب في الوثوق بغيبته ورجوعه قبل حلول نجم [ ص: 320 ] فيجوز ، وإلا منع .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال اللخمي : إذا أذن السيد للعبد حرم عليه تجاوز إذنه ، فإن أذن في البز فاشترى غيره لم يتعلق بالمال ، فإن أشكل : هل أذن له في هذا أم لا ؟ ففي كونه يتعلق بالمال الذي بيده قولان : مع الفوات ومع القيام للسيد رده ، وألزمه في الكتاب : إذا أذن في نوع سائر الأنواع ; لأنه أقعده للناس ، وقال أيضا : ذلك ليس بعذر ، وقال أيضا : إذا أذن في النقد فباع بالنسيئة لا يلزمه ، وقال سحنون : يلزمه ، وأرى إن كان ذلك العبد لا يقف عند المأذون فيه أن يلزمه ; لأنه غر الناس ، فإن هلك المبيع بغير سبب العبد أو نقص لم يلزمه أو بسببه ، ولم يصون به ماله لم يتعلق بما في يده ، وإن صون كان فيه الأقل من الثمن أو القيمة ، فإن باعه والثمن موجود فعليه الأقل من الثمن الأول أو الثاني ; لأن الأصل براءته ، وإن ضاع الثمن لم يلزمه الغرم من ذلك المال ، وإن باع بالنسيئة فتغير السوق يخير في الإجازة والرد ، وإن نقص بأكل أو لبس فللسيد الإجازة والأخذ بالقيمة ، وإن لم ينظر فيه حتى حل الأجل فله أخذ الثمن ، ويختلف : هل يغرم العبد البعض أو يكون في رقبته ؟ وللسيد قبول المبيع نسيئة بالأقل من الثمن أو القيمة إلا أن يرضى البائع بأخذه بعينه .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية